للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَى أَنْ تَأْكُلَ جَمِيعَ ثَمَنِهَا، وَإِنْ أَخَذَهَا غَيْرُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ ضَمِنَهَا، لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهَا.

(وَيَجُوزُ الْتِقَاطُ صَيُودٍ مُتَوَحِّشَةٍ، بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَتْ رَجَعَتْ لِلصَّحْرَاءِ بِشَرْطِ عَجْزٍ) عَنْهَا، لِأَنَّ تَرْكَهَا إذَنْ أَضْيَعُ لَهَا مِنْ سَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَالْمَقْصُودُ حِفْظُهَا لِصَاحِبِهَا لَا حِفْظُهَا فِي نَفْسِهَا، وَلَوْ كَانَ الْقَصْدُ حِفْظَهَا فِي نَفْسِهَا لَمَا جَازَ الْتِقَاطُ الْأَثْمَانِ؛ فَإِنَّ الدِّينَارَ دِينَارٌ حَيْثُمَا كَانَ، وَلَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ فِيهَا.

(وَلَا يَمْلِكُهَا) آخِذُهَا (بِتَعْرِيفٍ) ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَحْفَظُهَا لِرَبِّهَا، فَهُوَ كَالْوَدِيعِ.

(وَأَحْجَارُ طَوَاحِينَ) - مُبْتَدَأٌ - (وَقُدُورٌ ضَخْمَةٌ وَأَخْشَابٌ كَبِيرَةٌ) وَقَوْلُهُ: (كَإِبِلٍ) - خَبَرُهُ - أَيْ: فَلَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَكَادُ تَضِيعُ عَنْ صَاحِبِهَا، وَلَا تَبْرَحُ مِنْ مَكَانِهَا، فَهِيَ أَوْلَى بِعَدَمِ التَّعَرُّضِ مِنْ الضَّوَالِّ فِي الْجُمْلَةِ لِلتَّلَفِ، إمَّا بِسَبُعٍ أَوْ جُوعٍ، أَوْ عَطَشٍ وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ هَذِهِ.

(وَمَا حَرُمَ الْتِقَاطُهُ ضَمِنَهُ آخِذُهُ، إنْ تَلِفَ أَوْ نَقَصَ كَغَاصِبٍ) ، وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، وَآخِذُهُ عَلَى سَبِيلِ الِالْتِقَاطِ، لَا عَلَى سَبِيلِ الْحِفْظِ؛ لِأَنَّ الْتِقَاطَ ذَلِكَ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ مِنْ الشَّارِعِ، (لَا إنْ تَبِعَ) شَيْءٌ مِنْ الضَّوَالِّ الْمَذْكُورَةِ (دَوَابَّهُ فَطَرَدَهُ) ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، (أَوْ دَخَلَ) شَيْءٌ مِنْهَا (دَارِهِ فَأَخْرَجَهُ) ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَلَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَيْهِ، (وَلَا) إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ (كَلْبًا الْتَقَطَهُ) ؛ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ.

(وَمَنْ) الْتَقَطَ مَا لَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ، وَ (كَتَمَهُ) عَنْ رَبِّهِ، ثُمَّ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، (فَتَلِفَ) ؛ فَعَلَيْهِ (قِيمَتُهُ مَرَّتَيْنِ) لِرَبِّهِ نَصًّا؛ لِحَدِيثٍ: «فِي الضَّالَّةِ الْمَكْتُومَةِ غَرَامَتُهَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا» .

قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي " التَّنْبِيهِ ": وَهَذَا حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُرَدُّ.

سَوَاءٌ كَانَ الْمُلْتَقِطُ إمَامًا أَوْ غَيْرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>