للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْوَسَائِلَ لَهَا حُكْمُ الْمَقَاصِدِ، وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ لِغَيْرِهِ) - أَيْ: الْوَارِثِ - مُتَعَلِّقٌ بِأَخْذٍ بِهَا عَلَى أَنَّهُ عِلَّةٌ لَهُ، كَمَا لَوْ وَصَّى لِغَرِيمِ وَارِثِهِ، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ مِنْهَا فِي حَقِّ الْوَارِثِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ التُّهْمَةِ مِنْ إيصَالِ الْمَالِ إلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعًا، وَهَذَا مَعْدُومٌ فِيمَا إذَا أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ.

(وَإِنْ أَجَرَ) الْمَرِيضُ (نَفْسَهُ وَحَابَا الْمُسْتَأْجِرَ) وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (صَحَّ) الْعَقْدُ (مَجَّانًا) - أَيْ: مِنْ غَيْرِ رَدِّ الْمُسْتَأْجِرِ لِشَيْءٍ مِنْ الْمُدَّةِ أَوْ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤْجَرْ نَفْسَهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ شَيْءٌ، بِخِلَافِ عَبِيدِهِ وَبَهَائِمِهِ.

(وَيُعْتَبَرُ ثُلُثُهُ) - أَيْ: ثُلُثُ مَالِ الْمُعْطِي فِي الْمَرَضِ - (عِنْدَ مَوْتٍ) لَا عِنْدَ عَطِيَّةٍ أَوْ مُحَابَاةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ عِتْقٍ؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ مُعْتَبَرَةٌ بِالْوَصِيَّةِ، وَالثُّلُثُ فِي الْوَصِيَّةِ مُعْتَبَرٌ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ لُزُومِهَا وَقَبُولِهَا وَرَدِّهَا؛ فَكَذَلِكَ فِي الْعَطِيَّةِ.

(فَلَوْ أَعْتَقَ) مَرِيضٌ (مَا) - أَيْ: عَبْدًا - (لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، ثُمَّ مَلَكَ مَا) - أَيْ: مَالًا - (يُخْرِجُ) الْعَبْدُ (مِنْ ثُلُثِهِ؛ تَبَيَّنَ عِتْقُهُ كُلُّهُ) لِخُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ الْمَوْتِ (وَإِنْ لَزِمَهُ) بَعْدَ عِتْقِهِ (دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُ) أَيْ: الْعَتِيقُ - (لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ) لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَالْعِتْقُ فِي الْمَرَضِ فِي مَعْنَاهَا بِدَلِيلِ قَوْلِ عَلِيٍّ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ» وَحُكْمُ هِبَتِهِ كَعِتْقِهِ.

(وَلَوْ قَضَى) مَرِيضٌ (بَعْضَ غُرَمَائِهِ) دَيْنَهُ (صَحَّ) الْقَضَاءُ (وَفَازَ) الْمَقْضِيُّ (بِهِ) - أَيْ: بِمَا اقْتَضَاهُ - وَلَمْ يَكُنْ لِبَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ فِي مَحَلِّهِ، وَلَيْسَ بِتَبَرُّعٍ، وَلَمْ يُزَاحِمْ الْبَاقُونَ مِنْ الْغُرَمَاءِ الْمَقْضِيَّ، (وَلَوْ لَمْ تَفِ تِرْكَتُهُ) أَيْ: الْمَرِيضِ - (بِبَقِيَّةِ دُيُونِهِ) لِأَنَّهُ أَدَّى وَاجِبًا عَلَيْهِ كَأَدَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ.

(وَإِذَا تَبَرَّعَ) الْمَرِيضُ (بِمَالٍ أَوْ عِتْقٍ ثُمَّ أَقَرَّ) بَعْدَ التَّبَرُّعِ (بِدَيْنٍ؛ لَمْ يُبْطَلْ تَبَرُّعٌ وَلَا عِتْقٌ) بِإِقْرَارِهِ بَعْدَ التَّبَرُّعِ أَوْ الْعِتْقِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ بِالتَّبَرُّعِ فِي الظَّاهِرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>