للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيُسْتَحَبُّ) لِمَنْ حَضَرَ طَعَامًا دُعِيَ إلَيْهِ (أَكْلُهُ) مِنْهُ (وَلَوْ) كَانَ (صَائِمًا) تَطَوُّعًا؛ لِمَا رُوِيَ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كَانَ فِي دَعْوَةٍ، وَكَانَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ عَنْ الْقَوْمِ نَاحِيَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ وَتَكَلَّفَ لَكُمْ، كُلْ يَوْمًا ثُمَّ صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ إنْ شِئْت» . وَلِمَا فِيهِ مِنْ إدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ (إلَّا) إنْ كَانَ صَوْمُهُ (صَوْمًا وَاجِبًا) لِأَنَّهُ يَحْرُمُ قَطْعُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدَعْ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِي رِوَايَةٍ: فَلْيُصَلِّ أَيْ: يَدَعْ (وَإِنْ أَحَبَّ) الْمُجِيبُ (دَعَا) لِلْخَبَرِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ صَائِمٌ كَمَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ؛ لِتَزُولَ التُّهْمَةُ عَنْهُ فِي تَرْكِ الْأَكْلِ (وَانْصَرَفَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» .

تَتِمَّةٌ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ الْأَكْلَ كَسْرُ قَلْبِ الدَّاعِي كَانَ تَمَامُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ أَوْلَى مِنْ فِطْرِهِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ، وَقَالَ: وَلَا يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الدَّعْوَةِ الْإِلْحَاحُ فِي الطَّعَامِ أَيْ: الْأَكْلِ لَلْمَدْعُوِّ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْفِطْرِ فِي التَّطَوُّعِ أَوْ الْأَكْلِ إنْ كَانَ مُفْطِرًا؛ فَإِنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ، وَإِذْ أَلْزَمَهُ بِمَا لَا يَلْزَمُهُ كَانَ مِنْ نَوْعِ الْمَسْأَلَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَلَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ صَائِمًا لِيُفْطِرَ، وَلَا إنْ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا لِيَأْكُلَ، وَلَا يَنْبَغِي لَلْمَدْعُوِّ إذَا رَأَى أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْ الْأَكْلِ أَوْ الْفِطْرِ فِي النَّفْلِ مَفَاسِدُ أَنْ يَمْتَنِعَ، فَإِنَّ فِطْرَهُ جَائِزٌ انْتَهَى، وَيَحْرُمُ أَخْذُ طَعَامٍ مِنْ الْوَلِيمَةِ أَوْ غَيْرِهَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِئَاتِ عَلَيْهِ.

(وَمَنْ دَعَاهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (أَجَابَ الْكُلَّ إنْ أَمْكَنَهُ) بِأَنْ لَمْ يَتَعَارَضْ وَقْتُ الْحُضُورِ (وَإِلَّا) يُمْكِنُهُ (أَجَابَ الْأَسْبَقَ قَوْلًا) لِوُجُوبِ إجَابَتِهِ بِدُعَائِهِ، فَلَا يَسْقُطُ بِدُعَاءِ مَنْ بَعْدَهُ، وَلَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>