للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَهْلِهِ بِلَا احْتِشَامٍ، فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْإِصْلَاحِ، فَيَخْلُو كُلٌّ بِصَاحِبِهِ وَيَسْتَعْمِلُ رَأْيَهُ فِي الْفِرَاقِ وَالْوَصْلَةِ، وَمَا يَكْرَهُ مِنْ صَاحِبِهِ (يُوَكِّلَانِهِمَا) بِرِضَاهُمَا، وَ (لَا) يَبْعَثُهُمَا الْحَاكِمُ (جَبْرًا) عَلَى الزَّوْجَيْنِ (فِي فِعْلِ الْأَصْلَحِ مِنْ جَمْعٍ أَوْ تَفْرِيقٍ بِعِوَضٍ أَوْ دُونَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: ٣٥] الْآيَةَ (وَيَنْبَغِي لَهُمَا) أَيْ لِلْحَكَمَيْنِ (أَنْ يَنْوِيَا الْإِصْلَاحَ) لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: ٣٥] (وَأَنْ يُلَطِّفَا الْقَوْلَ، وَأَنْ يُنْصِفَا، وَيُرَغِّبَا، وَيُخَوِّفَا، وَلَا يُخَصُّ بِذَلِكَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ) لِيَكُونَ (أَقْرَبَ لِلتَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا) وَهُمَا وَكِيلَانِ عَنْ الزَّوْجَيْنِ فِي ذَلِكَ (لَا يُرْسَلَانِ إلَّا بِرِضَاهُمَا وَتَوْكِيلِهِمَا) لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا، فَلَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِمَا التَّصَرُّفُ إلَّا بِالْوَكَالَةِ، فَلَا يَمْلِكَانِ تَفْرِيقًا إلَّا بِإِذْنِهِمَا (فَيَأْذَنُ الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ إصْلَاحٍ، وَتَأْذَنُ هِيَ) أَيْ: الْمَرْأَةُ (لِوَكِيلِهَا فِي الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَلَى مَا يَرَاهُ، وَإِنْ امْتَنَعَا مِنْ التَّوْكِيلِ لَمْ يُجْبَرَا عَلَيْهِ، لَكِنْ لَا يَزَالُ الْحَاكِمُ يَبْحَثُ) وَيَسْتَبْحِثُ (حَتَّى يَظْهَرَ لَهُ مَنْ الظَّالِمُ، فَيَرْدَعُهُ) وَيَسْتَوْفِي مِنْهُ الْحَقَّ إقَامَةً لِلْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ (وَلَا يَصِحُّ إبْرَاءُ غَيْرِ وَكِيلِهَا) أَيْ: الْمَرْأَةِ (فِي خُلْعٍ فَقَطْ) فَتَصِحُّ بَرَاءَتُهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِعِوَضٍ، فَتَوْكِيلُهَا فِيهِ إذْنٌ فِي الْمُعَاوَضَةِ، وَمِنْهَا الْإِبْرَاءُ، بِخِلَافِ وَكِيلِ الزَّوْجِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ الْإِبْرَاءُ مُطْلَقًا (وَإِنْ شَرَطَا) أَيْ: الْحَكَمَانِ (مَا) أَيْ: شَرْطًا (لَا يُنَافِي نِكَاحًا) كَإِسْكَانِهِمَا بِمَحِلِّ كَذَا، وَأَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى عَلَيْهِ وَنَحْوَهُ؛ (لَزِمَ) الشَّرْطُ، وَلَعَلَّهُمْ نَزَّلُوا هَذِهِ الْحَالَةَ مَنْزِلَةَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ لِحَاجَةِ الْإِصْلَاحِ، وَإِلَّا فَمَحِلُّ الْمُعْتَبَرِ مِنْ الشُّرُوطِ صُلْبُ الْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِلَّا) بِأَنْ شَرَطَا مَا يُنَافِي نِكَاحًا (فَلَا) يَلْزَمُ ذَلِكَ (كَتَرْكِ قَسْمٍ أَوْ) تَرْكِ (نَفَقَةٍ) أَوْ وَطْءٍ أَوْ سَفَرٍ إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَنَحْوَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>