للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

فَأَمْرُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِذَلِكَ دَلِيلُ إبَاحَتِهِ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ.

(وَتُسَنُّ) لَهُ (إجَابَتُهَا) إنْ سَأَلَتْهُ الْخُلْعَ عَلَى عِوَضٍ (حَيْثُ أُبِيحَ) الْخُلْعُ، لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ قَيْسٍ بِقَوْلِهِ: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً (إلَّا مَعَ مَحَبَّتِهِ لَهَا فَيُسَنُّ صَبْرُهَا) عَلَيْهِ (وَعَدَمُ افْتِدَائِهَا) مِنْهُ دَفْعًا لِضَرَرِهِ، وَلَا تَفْتَقِرُ صِحَّةُ الْخُلْعِ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ نَصًّا.

(وَيُكْرَهُ) الْخُلْعُ مَعَ اسْتِقَامَتِهِ؛ لِحَدِيثِ ثَوْبَانَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ، وَلِأَنَّهُ عَبَثٌ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا.

(وَيَصِحُّ) الْخُلْعُ (مَعَ اسْتِقَامَةٍ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤] .

(وَيَحْرُمُ) الْخُلْعُ (وَلَا يَصِحُّ إنْ عَضَلَهَا) أَيْ: ضَيَّقَ عَلَيْهَا (بِمَنْعِ حَقٍّ أَوْ ضَرْبٍ) أَوْ مَنَعَهَا حُقُوقَهَا مِنْ الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ ظُلْمًا، أَوْ ضَرَبَهَا (لِتَخْتَلِعَ) مِنْهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: ١٩] الْآيَةَ وَلِأَنَّ مَا تَفْتَدِي بِهِ نَفْسَهَا مَعَ ذَلِكَ عِوَضٌ أُكْرِهَتْ عَلَى بَذْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ أَخْذَهُ مِنْهَا لِلنَّهْيِ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ؛ (وَيَقَعُ) الْخُلْعُ فِي صُورَةِ الْعَضْلِ (رَجْعِيًّا) إنْ أَجَابَهَا (بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ) بِلَفْظِ خُلْعٍ أَوْ مَعَ (نِيَّتِهِ) أَيْ: نِيَّةِ الطَّلَاقِ، وَلَا تَبِينُ مِنْهُ؛ لِفَسَادِ الْعِوَضِ.

(وَيُبَاحُ ذَلِكَ) أَيْ: عَضْلُ الزَّوْجِ لَهَا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ (مَعَ زِنَاهَا) نَصًّا، وَالْخُلْعُ صَحِيحٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: ١٩] وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّهْيِ إبَاحَةٌ، وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ تُلْحِقَ بِهِ وَلَدًا مِنْ غَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>