للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعَلَّقِ، وَالْحِيَلُ خِدَاعٌ لَا تُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ - تَعَالَى.

انْتَهَى.

أَقُولُ: إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلَا فَائِدَةَ لِهَذَا الِاتِّجَاهِ بَعْدَ تَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ.

(وَلَا يَصِحُّ) أَيْ: لَا يَقَعُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: خُلْعُ الْحِيلَةِ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْفُرْقَةَ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ بَقَاءُ الْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا، كَمَا فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ، وَالْعَقْدُ لَا يُقْصَدُ بِهِ نَقِيضُ مَقْصُودِهِ (خِلَافًا " للرعايتين " " وَ " الْحَاوِي ") فِي قَوْلِهِمْ: وَيَحْرُمُ الْخُلْعُ حِيلَةً وَيَقَعُ.

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَشَذَّ فِي الرِّعَايَةِ " فَذَكَرَهُ، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": قُلْتُ: غَالِبُ النَّاسِ وَاقِعٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَيَسْتَعْمِلُهَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ، فَفِي هَذَا الْقَوْلِ فَرَجٌ لَهُمْ.

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَصَدَ الْمُحَلِّلُ التَّحْلِيلَ وَقَصَدَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَصْدًا مُحَرَّمًا كَبَيْعِ عَصِيرٍ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ، فَيُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَا قِيلَ فِي الْآخَرِ.

(وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ: يُسْتَحَبُّ إعْلَامُ) الْمُفْتِي (الْمُسْتَفْتِيَ) أَيْ: طَالِبَ الْفُتْيَا (بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْمُفْتِي (إنْ كَانَ) الْمُسْتَفْتِي (أَهْلًا لِلرُّخْصَةِ كَطَالِبِ التَّخَلُّصِ مِنْ) الْوُقُوعِ فِي (الرِّبَا) وَلَمْ يَجِدْ لَهُ وَجْهًا فِي مَذْهَبِهِ (فَيَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَرَى التَّحَيُّلَ لِلْخَلَاصِ مِنْهُ) أَيْ: الرِّبَا (وَالْخُلْعِ) فَيُفْتِيهِ ذَلِكَ الْغَيْرُ بِصِحَّةِ الْخُلْعِ (وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ) لِئَلَّا يُضْطَرَّ فَيَقَعَ فِي الْمَحْظُورِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ إذْ لَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ الْتِزَامُ مَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ بِحَيْثُ إنَّهُ يَعْتَقِدُ صَوَابَهُ وَخَطَأَ غَيْرِهِ، وَإِلَّا لَضَاقَ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يُكَلِّفْ عِبَادَهُ مَا لَا يُطِيقُونَهُ، وَإِنَّمَا جَعَلَ اخْتِلَافَ الْمَذَاهِبِ رَحْمَةً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ (وَ) مِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ فِي فُرُوعِهِ أَنَّ أُنَاسًا (جَاءُوا) الْإِمَامَ (أَحْمَدَ بِفَتْوَى) سَأَلُوهُ عَنْهَا (فَلَمْ تَكُنْ عَلَى مَذْهَبِهِ، فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِحَلْقَةِ الْمَدَنِيِّينَ) فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُفْتِيَ إذَا جَاءَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>