للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا الْمَسْأَلَةَ لِلنَّاسِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ انْتَهَى.

وَتَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ أَنَّ الصَّنَائِعَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَيَنْبَغِي لِكُلِّ ذِي صِنَاعَةٍ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الْقِيَامَ بِذَلِكَ الْفَرْضِ لِتَنْقَلِبَ طَاعَةً، لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» .

(وَيُسْتَحَبُّ الْغَرْسُ وَالْحَرْثُ) ، أَيْ: الزَّرْعُ (وَاِتِّخَاذُ الْغَنَمِ) لِلْخَبَرِ (وَيُسَنُّ التَّكَسُّبُ وَمَعْرِفَةُ أَحْكَامِهِ حَتَّى مَعَ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ) قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: ١٥] وَيُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَالطَّيْرِ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَعُودُ بِطَانًا» . وَالْأَخْذُ فِي الْأَسْبَابِ مِنْ التَّوَكُّلِ.

(وَيُقَدَّمُ الْكَسْبُ لِعِيَالِهِ عَلَى كُلِّ نَفْلٍ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّطَوُّعِ.

(وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ) ، أَيْ: التَّكَسُّبِ (وَالِاتِّكَالُ عَلَى النَّاسِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَمْ أَرَ مِثْلَ الْغِنَى عَنْ النَّاسِ. وَقَالَ فِي قَوْمٍ لَا يَعْمَلُونَ وَيَقُولُونَ: مُتَوَكِّلُونَ: هَؤُلَاءِ مُبْتَدِعُونَ) لِتَعْطِيلِهِمْ الْأَسْبَابَ (وَدَعَا) الْإِمَامُ أَحْمَدُ (لِعَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، ثُمَّ قَالَ لِأَبِيهِ: أَلْزِمْهُ السُّوقَ وَجَنِّبْهُ أَقْرَانَهُ) قَالَ الْقَاضِي: الْكَسْبُ الَّذِي لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّكَاثُرُ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ التَّوَسُّلُ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ مِنْ صِلَةِ الْإِخْوَانِ وَالتَّعَفُّفِ عَنْ وُجُوهِ النَّاسِ، فَهُوَ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ وَمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّفَرُّغِ إلَى طَلَبِ الْعِبَادَةِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ مَنَافِعَ النَّاسِ، وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ.

(وَفِي الرِّعَايَةِ يُبَاحُ كَسْبُ الْحَلَالِ لِزِيَادَةِ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَالتَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ مَعَ سَلَامَةِ الدِّينِ وَالْعِرْضِ) وَالْمُرُوءَةِ (وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ إذَنْ.

(وَيَجِبُ) التَّكَسُّبُ (عَلَى مَنْ لَا قُوتَ لَهُ) وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، لِحِفْظِ نَفْسِهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ قُلْتُ وَكَذَا مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَاجِبٌ لِأَدَائِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>