للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى إرَادَتِهِ بِهِ، فَكَذَا كَلَامُ غَيْرِهِ.

(فَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا وَقَالَ نَوَيْت الْيَوْمَ، [قُبِلَ] مِنْهُ حُكْمًا) ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، وَلَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ (فَلَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ) لِلدَّارِ (فِي غَيْرِهِ) ، أَيْ: غَيْرِ الْيَوْمِ الَّذِي نَوَاهُ (وَلَوْ) كَانَ حَلِفُهُ الْيَوْمَ (بِطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ) لِعَدَمِ مُخَالِفَتِهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلِتَعَلُّقِ قَصْدِهِ بِمَا نَوَاهُ، فَاخْتَصَّ الْحِنْثُ بِهِ (خِلَافًا لَهُ) ، أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ -، أَيْ: الْيَمِينُ - بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ، لَمْ يُقْبَلْ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ. مَعَ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْإِنْصَافِ وَلَا الْفُرُوعِ وَلَا الْمُبْدِعِ وَلَا الْمُنْتَهَى بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الطَّلَاقِ فِي مَوَاضِعَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِعَدَمِ مُخَالِفَتِهِ الظَّاهِرَ.

(وَ) إنْ حَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ (لَا يَأْوِي مَعَهَا بِدَارِ فُلَانٍ يَنْوِي جَفَاءَهَا، وَلَا سَبَبَ) يَخُصُّ الدَّارَ (فَأَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا) ، أَيْ: غَيْرِ الَّتِي سَمَّاهَا (حَنِثَ) لِمُخَالِفَتِهِ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ جَفَائِهَا إلْغَاءً لِذِكْرِ الدَّارِ مَعَ عَدَمِ السَّبَبِ، لِدَلَالَةِ نِيَّةِ الْجَفَاءِ عَلَيْهِ، كَأَنْ حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا، كَقَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ: " وَاقَعْتُ أَهْلِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، فَقَالَ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَعْتِقْ رَقَبَةً» فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ ذِكْرُ أَهْلِهِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ حُذِفَ مِنْ السَّبَبِ، وَجُعِلَ السَّبَبُ الْوِقَاعُ سَوَاءٌ كَانَ لِأَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَإِنْ كَانَ لِلدَّارِ أَثَرٌ فِي يَمِينِهِ كَكَرَاهَةِ سُكْنَاهَا أَوْ مُخَاصِمَتِهِ أَهْلَهَا، أَوْ اُمْتُنَّ عَلَيْهِ بِهَا، لَمْ يَحْنَثْ إنْ أَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَدِمَ السَّبَبَ وَالنِّيَّةَ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْإِيوَاءِ مَعَهَا فِي تِلْكَ الدَّارِ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ مُقْتَضٍ وَلَا صَارِفَ لَهُ عَنْهُ.

(وَأَقَلُّ الْإِيوَاءِ سَاعَةً وَإِنْ قَلَّتْ) كَلَحْظَةٍ، فَمَتَى حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا فِي دَارٍ، فَدَخَلَهَا مَعَهَا حَنِثَ، قَلِيلًا كَانَ لُبْثُهُمَا أَوْ كَثِيرًا. قَالَ - تَعَالَى - مُخْبِرًا عَنْ فَتَى مُوسَى: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} [الكهف: ٦٣] يُقَالُ أَوَيْتُ أَنَا وَآوَيْتُ غَيْرِي،

<<  <  ج: ص:  >  >>