للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَاسِخُ، وَإِنَّمَا يَأْذَنُ أَوْ يَحْكُمُ بِهِ، فَمَتَى أَذِنَ أَوْ حَكَمَ لِأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقِ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى حُكْمٍ بِصِحَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ، لَكِنْ لَوْ عَقَدَ هُوَ أَوْ فَسَخَ فَهُوَ فِعْلُهُ، وَهَلْ فِعْلُهُ حُكْمٌ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ.

[فَائِدَةٌ فُتْيَا الْقَاضِي لَيْسَتْ حُكْمًا]

، فَلَوْ حَكَمَ غَيْرُهُ بِغَيْرِ مَا أَفْتَى لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَقْضًا لِحُكْمِهِ، وَلَا تَكُونُ فُتْيَا الْقَاضِي كَالْحُكْمِ إذْ لَا إلْزَامَ فِي الْفُتْيَا، وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَ الْحَاضِرَ وَالْغَائِبَ، بِخِلَافِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ (وَكَذَا نَوْعُ مَنْ فَعَلَهُ) أَيْ: الْحَاكِمُ الَّذِي يَفْتَقِرُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ، وَيَسْتَفِيدُ بِوِلَايَاتِ الْحُكْمِ (بِخِلَافِ) فِعْلٍ لَمْ يَسْتَفِدْهُ كَبَيْعِ عَقَارِ نَفْسِهِ الْغَائِبِ أَوْ بَيْعٍ (عَلَى يَتِيمٍ) هُوَ أَيْ: الْحَاكِمُ وَصِيُّهُ أَوْ بِوَكَالَةٍ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ قُنْدُسٍ عَنْ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ، وَأَمَّا الْمُسْتَفَادُ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ (كَتَزْوِيجِهِ يَتِيمَةً) لَا وَلِيَّ لَهَا بِإِذْنِهَا إذَا تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ (وَبَيْعِ مَالِ غَائِبٍ) وَشِرَاءِ عَيْنٍ غَائِبَةٍ فِي الصِّفَةِ لِقَضَاءِ دَيْنِ نَحْوِ غَائِبٍ وَمُمْتَنِعٍ (وَعَقْدِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ) حَيْثُ رَآهُ وَفَسْخِ لَعْنَةٍ وَعَيْبٍ؛ فَهُوَ حُكْمٌ يَرْفَعُ الْخِلَافَ إنْ كَانَ. قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ فِي بَيْعِ مَا فُتِحَ عَنْوَةً: إنْ بَاعَهُ الْإِمَامُ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا صَحَّ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَفِيهِ أَيْضًا لَا شُفْعَةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِبَيْعِهِ حَاكِمٌ أَوْ يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ مَا فَعَلَهُ الْأَئِمَّةُ لَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ. انْتَهَى.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْقَضَاءُ نَوْعَانِ إخْبَارٌ وَهُوَ إظْهَارٌ، وَالثَّانِي ابْتِدَاءٌ وَأَمْرٌ وَهُوَ إنْشَاءٌ وَابْتِدَاءٌ، فَالْخَبَرُ يَدْخُلُ فِيهِ خَبَرُهُ عَنْ حُكْمِهِ وَعَنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ وَعَنْ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ، وَالْآخَرُ أَيْ: الْإِنْشَاءُ هُوَ حَقِيقَةُ الْحُكْمِ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَإِبَاحَةٌ، وَيَحْصُلُ الْحُكْمُ بِقَوْلِهِ: أَعْطِهِ وَلَا تُكَلِّمْهُ وَأَلْزِمْهُ، وَبِقَوْلِهِ حَكَمْتُ وَأَلْزَمْتُ. قَالَ فِي " شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " قُلْتُ: وَكُلُّ مَا أَدَّى هَذَا الْمَعْنَى.

(وَحُكْمُهُ) أَيْ: الْقَاضِي (بِشَيْءٍ حُكْمٌ بِلَازِمِهِ) فَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ بَيْعِ عَبْدٍ أَعْتَقَهُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ؛ كَانَ حُكْمًا بِإِبْطَالِ الْعِتْقِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ بُطْلَانُ الْعِتْقِ. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي أَحْكَامِ الْمَفْقُودِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>