للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ حَتَّى يَتَقَارَبَا (إلَّا مَا وَرَدَ) عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (تَطْوِيلُهُ) كَصَلَاةِ كُسُوفٍ، (فَاتِّبَاعُهُ أَفْضَلُ) ، لِحَدِيثِ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» وَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاسْتِكْثَارِ مِنْ السُّجُودِ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ، وَلِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ آكَدُ وَأَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، وَلَا يُبَاحُ بِحَالٍ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ الْقِيَامِ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْعَالِمِ وَسَيِّدِ الْقَوْمِ. (وَلَا بَأْسَ بِصَلَاةِ تَطَوُّعٍ جَمَاعَةً) كَمَا تُفْعَلُ فُرَادَى لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ الْأَمْرَيْنِ كِلَيْهِمَا، وَكَانَ أَكْثَرُ تَطَوُّعَاتِهِ مُنْفَرِدًا، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.

قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ وَمَا سُنَّ فِعْلُهُ مُنْفَرِدًا، كَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَصَلَاةِ الضُّحَى وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ إنْ فَعَلَهُ جَمَاعَةً فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ؛ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، لَكِنْ لَا يُتَّخَذُ سُنَّةً رَاتِبَةً. (وَإِسْرَارُهُ) ، أَيْ: التَّطَوُّعِ (أَفْضَلُ) ، وَيُكْرَهُ الْجَهْرُ بِهِ نَهَارًا، لِحَدِيثِ «صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ» وَالْمُرَادُ: غَيْرُ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي بَابِهِمَا. (سِيَّمَا لِخَائِفٍ) بِجَهْرِهِ بِالتَّطَوُّعِ (رِيَاءً) فَيُسِرُّهُ دَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ.

(وَجَازَ جُلُوسٌ لِمُبْتَدِئٍ نَفْلًا قَائِمًا كَعَكْسِهِ) ، لِقَوْلِ عَائِشَةَ «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَمُتْ حَتَّى كَانَ كَثِيرًا مِنْ صَلَاتِهِ، وَهُوَ جَالِسٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَسُومِحَ فِي التَّطَوُّعِ تَرْكُ الْقِيَامِ تَرْغِيبًا فِي تَكْثِيرِهِ. (وَسُنَّ اسْتِغْفَارٌ بِسَحَرٍ وَإِكْثَارٌ مِنْهُ) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: ١٨] وَسَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذ بِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>