للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهُمْ زَنَوْا أَوْ شَرِبُوا الْخَمْرَ أَوْ سَرَقُوا أَوْ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ أَوْ أَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّ شُهُودَهُ شَهِدُوا بِزُورٍ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمْ عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ تُقْبَلُ فِي الْفَصْلَيْنِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُنَا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تُقْبَلُ عَلَى مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ وَإِظْهَارُ الْفَاحِشَةِ حَرَامٌ إلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ حَقًّا لِلشَّرْعِ وَهُوَ إقَامَةُ الْحَدِّ أَوْ حَقًّا لِلْعِبَادِ وَهُوَ وُجُوبُ الْمَالِ فَإِنْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنِّي قَدْ صَالَحْت هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ بِكَذَا مِنْ الْمَالِ وَدَفَعْته إلَيْهِمْ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَيَّ بِهَذَا الْمَالِ فَإِذَا شَهِدُوا فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيَّ مَا أَخَذُوا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ وَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى حَقًّا لَهُ فَيَصِحُّ.

وَلَوْ قَالَ لَمْ أُسَلِّمْ إلَيْهِمْ مَالَ الصُّلْحِ لَمْ يُقْبَلْ مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ شَهَادَةُ أَهْلِ السِّجْنِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ لَا تُقْبَلُ وَكَذَا شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ فِي الْمُلَاعَبَةِ وَكَذَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ لَا يَحْضُرُ السِّجْنَ وَالْبَالِغُ لَا يُلَاعِبُ الصِّبْيَانَ وَالرِّجَالَ لَا يَحْضُرُونَ حَمَّامِ النِّسَاءِ وَالشَّرْعُ شَرَّعَ لِذَلِكَ طَرِيقًا آخَرَ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ عَنْ حُضُورِ الْمَلَاعِبِ عَمَّا يُسْتَحَقُّ بِهِ الدُّخُولُ فِي السِّجْنِ وَمَنْعُ النِّسَاءِ عَنْ الْحَمَّامَاتِ فَإِذَا لَمْ يَمْتَثِلُوا كَانَ التَّقْصِيرُ مُضَافًا إلَيْهِمْ لَا إلَى الشَّرْعِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعِ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّفْيِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الدَّائِنِ لِمَدْيُونِهِ الْحَيِّ وَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا وَلَا تُقْبَلُ لِمَدْيُونِهِ الْمَيِّتِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالتَّرِكَةِ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ لِمَدْيُونِهِ الْحَيِّ إذَا كَانَ مُفْلِسًا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَهَادَةُ الْغَرِيمَيْنِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِمَا لِهَذَا الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ مِنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى مِنْ الشَّهَادَاتِ شَهِدَا أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ مُدْرِكٌ مُحْتَلِمٌ قَبْلَ ذَلِكَ.

وَلَوْ قَالُوا رَأَيْنَاهُ يَحْتَلِمُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ شَهَادَاتِ التَّتَارْخَانِيَّةِ أَقَامَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ شَاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً فَهُمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ كُلُّ شَاهِدَيْنِ عِلَّةٌ تَامَّةٌ لِوُصُولِهَا إلَى حَدِّ النِّصَابِ الْكَامِلِ وَتَمَامُهُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ الْبَيِّنَةُ إذَا قَامَتْ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ الْمُتَوَاتَرِ لَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَنْ يُشْتَهَرَ وَيُسْمَعَ مِنْ قَوْمٍ كَثِيرٍ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى لِلْإِمَامِ الْخَاصِّيِّ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي شَهَادَةِ النَّفْي إلَى أَنْ قَالَ قَالَ فِي الْمُحِيطِ إنْ تَوَاتَرَ عِنْدَ النَّاسِ وَعَلِمَ الْكُلُّ عَدَمَ كَوْنِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَيُقْضَى بِفَرَاغِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَكْذِيبُ الثَّابِتِ بِالضَّرُورَةِ وَالضَّرُورِيَّاتُ مِمَّا لَا يَدْخُلُهَا الشَّكُّ اهـ وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ الَّتِي يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ لَا تُقْبَلُ كَمَا فِي وَقْفِ الْخَيْرِيَّةِ وَنَصُّهُ مِنْ الشَّهَادَةِ الَّتِي يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِمُسَوِّغَاتِ الِاسْتِبْدَالِ يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ كَمَا لَوْ شَهِدُوا مَثَلًا بِأَنَّ الدَّارَ سَائِغَةٌ لِلِاسْتِبْدَالِ لِانْهِدَامِهَا وَحَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَبِيعَتْ كَمَا ذَكَرَ ثُمَّ شَهِدَتْ أُخْرَى لَدَى حَاكِمٍ بِأَنَّهَا عَامِرَةٌ حِينَ الِاسْتِبْدَالِ إلَى هَذَا الزَّمَانِ وَكَانَ الْحِسُّ يَقْضِي بِأَنَّ عِمَارَتَهَا أَوْ أَنَّ الِاسْتِبْدَالَ هِيَ الْعِمَارَةُ الْقَائِمَةُ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَالْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الِاسْتِبْدَالِ حِينَئِذٍ بَاطِلٌ إذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى بَيِّنَةٍ يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَاءَ حَيًّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا اهـ.

وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْمَرْحُومُ الْجَدُّ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الشَّهَادَةِ وَعَلَى هَامِشِهَا فَتْوَى أُخْرَى مِنْ الْأَئِمَّةِ.

سُئِلَ الْعَلَامَةُ الْمُرْشِدِيُّ مَا قَوْلُكُمْ فِي شُهُودٍ لَمْ يَعْرِفُوا شَيْئًا مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ أَمْ لَا أَجَابَ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ الظَّاهِرُ كَفَاهُمْ ذَلِكَ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِمْ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِمْ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ كَازَرُونِيٌّ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِفِسْقِهِ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ وَإِذَا تَمَّ نِصَابُ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ وَلَا يَقْتَصِرُ الْحَاكِمُ عَلَى ظَاهِرِ عَدَالَةِ الْمُسْلِمِ إلَى أَنْ قَالَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ زَمَانُ الْفَسَادِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>