للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَقَدْ صَارَتْ حَادِثَةَ الْفَتْوَى مَضَتْ الْمُدَّةُ وَغَابَ الْمُسْتَأْجِرُ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ فِي الدَّارِ فَأَفْتَيْت بِأَنَّ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ الدَّارَ وَيَسْكُنَ فِيهَا وَأَمَّا الْمَتَاعُ فَيَجْعَلُهُ فِي نَاحِيَةٍ إلَى أَنْ يَحْضُرَ صَاحِبُهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْفَتْحُ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي أَخْذًا مِمَّا فِي الْقُنْيَةِ. اهـ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا بَغْلٌ وَلِلْآخَرِ بَعِيرٌ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَا ذَلِكَ فَمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْأَجْرِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً مُحِيطُ الْبُرْهَانِيِّ وَيُقْسَمُ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَجْرِ مِثْلِ الْبَغْلِ وَالْبَعِيرِ كَمَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْعَيْنِ وَلَوْ تَقَبَّلَا حَمُولَةَ تَاجِرٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُؤَاجِرْ الْبَغْلَ وَالْبَعِيرَ وَحَمَلَا عَلَى الْبَغْلِ وَالْبَعِيرِ اللَّذَيْنِ أَضَافَا عَقْدَ الشَّرِكَةِ إلَيْهِمَا كَانَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى قَدْرِ أَجْرِ مِثْلِهِمَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ قَاضِي خَانْ مِنْ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ. إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ لِفُلَانٍ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ كَانَ اعْتِرَافًا مِنْهُ بِأَنَّ الْعَاقِدَ وَكِيلٌ عَنْ الْمُقَرِّ لَهُ فِي ذَلِكَ وَحَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَحُقُوقُ الْعَقْدِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالْأُجْرَةِ وَتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ إنَّمَا هِيَ لِمَنْ بَاشَرَ الْعَقْدَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ مِنْ أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ تَرْجِعُ لِلْوَكِيلِ وَإِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِجَارَةِ لَيْسَ لَهُ قَبْضُ الْأُجْرَةِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ بَاعَ وَغَابَ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ قَبْضُ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ وَفِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ سُئِلَ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا وَقْفًا مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً ثُمَّ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّتِهِ اسْتَأْجَرَ جِهَاتِ الْوَقْفِ جَمِيعَهَا شَخْصٌ آخَرُ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الْحَمَّامُ الْمَذْكُورَةُ ثُمَّ إنَّ مُسْتَأْجِرَ الْحَمَّامِ تَصَادَقَ هُوَ وَمُسْتَأْجِرُ جَمِيعِ جِهَاتِ الْوَقْفِ أَنَّ الْحَمَّامَ جَارِيَةٌ فِي إيجَارِ مَنْ اسْتَأْجَرَ الْجَمِيعَ وَحَكَمَ بِالتَّصَادُقِ حَنَفِيٌّ فَهَلْ التَّصَادُقُ وَالْحُكْمُ بِهِ مُبْطِلٌ لِإِيجَارِهِ مُثْبِتٌ لِإِيجَارِ مَنْ اسْتَأْجَرَ الْجَمِيعَ أَمْ لَا؟

(الْجَوَابُ) : التَّصَادُقُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ نَفَذَتْ بِهِ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ وَالْحُكْمُ بِهِ صَحِيحٌ أَيْضًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَكَتَبَ تَحْتَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَنْبَلِيُّ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ وَاضِعُ خَطِّهِ أَعْلَاهُ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ حَيْثُ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِالتَّصَادُقِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ وَقَدْ أَفْتَى الْمُرْشِدِيُّ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِالتَّصَادُقِ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ جَوَابِهِ ضِمْنَ سُؤَالٍ مَسْطُورٍ فِي الْكَازَرُونِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ فَرَاجِعْهُ آجَرَ دَارِهِ وَبَيْتًا مِنْهَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا وَرَاءَ الْبَيْتِ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى. اسْتَأْجَرَ الْحَمَّامِيُّ حَلَّاقًا أَوْ دَلَّاكًا لِيَحْلِقَ مَنْ دَخَلَ حَمَّامَهُ أَوْ يُدَلِّكَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ حَلَّاجًا أَوْ نَسَّاجًا لِلْحَلْجِ أَوْ النَّسْجِ وَلَا قُطْنَ لَهُ وَلَا غَزْلَ لَهُ لَا يَجُوزُ وَكَذَا الْقَزَّازُ الَّذِي يَسْتَخْرِجُ الْقَزَّ لِعَامَّةِ النَّاسِ إذَا هَيَّأَ حَانُوتَهُ وَاسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيَقْعُدَ عِنْدَ الطَّسْتِ وَيَسْتَخْرِجَ الْقَزَّ أَوْ الْخَيَّاطُ هَيَّأَ دُكَّانَهُ لِيَعْمَلَ الْخِيَاطَةَ لِلْعَامَّةِ وَالْخَفَّافُ وَنَحْوُهُمْ إذَا اسْتَأْجَرُوا أُجَرَاءَ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِهَذِهِ الْأَعْمَالِ لَمْ يَجُزْ لِمَا مَرَّ وَالْأَصْلُ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى عَمَلٍ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَتَمَامُهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً مِنْ مَكَان إلَى مَنْزِلِهِ إلَى اللَّيْلِ فَرَكِبَهَا فِي الرُّجُوعِ فَعَطِبَتْ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا لِلْعَادَةِ فِي الرُّكُوبِ فَيَكُونُ هَذَا إذْنًا دَلَالَةً وَبِهِ نَأْخُذُ مُلْتَقَطٌ وَإِذَا اكْتَرَى دَارًا سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا انْقَضَتْ السَّنَةُ قَالَ رَبُّ الدَّارِ لَلْمُكْتَرِي إنْ فَرَّغْتَهَا الْيَوْمَ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَيْك كُلُّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ وَيُسْتَحْسَنُ أَنْ يَجْعَلَ مِقْدَارَ مَا يَنْقُلُ مَتَاعَهُ عَنْهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا.

وَنَحْوُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ مُلْتَقَطٌ الْأَبُ إذَا اسْتَأْجَرَ ابْنَهُ الْبَالِغَ فَعَمِلَ الِابْنُ لَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الِابْنُ أَبَاهُ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ عَمِلَ الْأَبُ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا خَانِيَّةٌ اسْتَأْجَرَ امْرَأَتَهُ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةَ الْغَيْرِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَتْ الزَّوْجَ لِخِدْمَتِهَا جَازَ فِي الظَّاهِرِ وَعَنْ أَبِي عِصْمَةَ أَنَّهُ بَاطِلٌ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>