للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُكْرَهُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ وَالْمُعَصْفَرِ. اهـ. وَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَشَرْحِ النُّقَايَةِ لِأَبِي الْمَكَارِمِ الْحَنَفِيِّ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ كَمَا تَقَدَّمَ يُفِيدُ كَرَاهَةَ التَّنْزِيَةِ (قُلْت) مَرْجِعُ نَقْلِ الْقُهُسْتَانِيِّ إلَى الزَّاهِدِيِّ فِي مُجْتَبَاهُ وَحَاوِيهِ وَنَقْلُ الزَّاهِدِيِّ لَا يُعَارِضُ نَقْلَ الْمُعْتَبَرَاتِ النُّعْمَانِيَّةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبَانَ أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَى مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ يَعْنِي الزَّاهِدَيَّ مُخَالِفًا لِلْقَوَاعِدِ مَا لَمْ يُعَضِّدْهُ نَقْلٌ مِنْ غَيْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ أَيْضًا، وَفِي الرَّسَائِلِ الزَّيْنِيَّةِ فِي رِسَالَةِ رَفْعِ الْغِشَاءِ عَنْ وَقْتَيْ الْعَصْرِ، وَالْعِشَاءِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِنُقُولِ الْفَتَاوَى إذَا عَارَضَهَا نَقُولُ الْمَذْهَبُ إنَّمَا يُسْتَأْنَسُ بِمَا فِي الْفَتَاوَى إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا يُخَالِفُهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ، وَفِي الرَّسَائِلِ الزَّيْنِيَّةِ أَيْضًا وَلَا يَحِلُّ الْإِفْتَاءُ مِنْ الْكُتُبِ الْغَرِيبَةِ. اهـ.

وَاَلَّذِينَ اخْتَارُوا الْكَرَاهَةَ الْأَكْثَرُ فَسَقَطَ بِهَذَا مَا قَالَهُ الشرنبلالي فِي رِسَالَتِهِ الْمَشْهُورَةِ فِي لُبْسِ الْأَحْمَرِ مِنْ جَوَازِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ عَنْ الْأَكْمَلِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ فِي عِبَارَتِهِ النَّصُّ عَلَى لُبْسِ الْأَحْمَرِ بَلْ لَيْسَ الْمُعَصْفَرُ وَعِبَارَتُهُ هَكَذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ، وَالتَّابِعُونَ فِي لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ لَكِنْ قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُمْ أَفْضَلُ. اهـ. فَأَيْنَ النَّصُّ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ، وَقَوْلُ الْكَمَالِ كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ فِيهَا خُطُوطًا حُمْرًا وَخُضْرًا كَمَا تَأَوَّلَ ذَلِكَ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَمَا نَقَلَهُ الشرنبلالي عَنْ الْعَيْنِيِّ فِي اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ مِنْ جَوَازِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ مِنْ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ فَذَاكَ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِنْبَاطُ لَا مِنْ حَيْثُ نَقْلُ الْمَذْهَبِ وَإِلَّا فَنَاقِلُ الْكَرَاهَةِ كَثِيرٌ بَلْ أَكْثَرُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ كَمَا نَقَلَهُ الشرنبلالي نَفْسُهُ فِي شَرْحِ إمْدَادِ الْفَتَّاحِ مِنْ بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ وَمِمَّا نَقَلَ الْكَرَاهَةَ الْحَدَّادِيُّ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَفِي الْمُحِيطِ وَالِاخْتِيَارِ وَالتَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى، وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَالْوَجِيزِ وَأَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَصَرَّحَ بِالْحُرْمَةِ فِي تُحْفَةِ الْمُلُوكِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِهِ بِالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ وَنَصَّ فِي مَتْنِ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ عَلَى الْحُرْمَةِ أَيْضًا وَعِبَارَتُهُ كَمَا نَقَلَهُ الشرنبلالي فِي رِسَالَتِهِ وَيَحْرُمُ لُبْسُ الْأَحْمَرِ، وَالْمُعَصْفَرِ. اهـ. عَلَى أَنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُقَلِّدِ اتِّبَاعُ مَذْهَبِ إمَامِهِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ لَا مَا نَقَلَهُ أَبُو الْمَكَارِمِ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مَجْهُولٌ وَكِتَابُهُ كَذَلِكَ والقهستاني كَجَارِفِ سَيْلٍ وَحَاطِبِ لَيْلٍ خُصُوصًا وَاسْتِنَادُهُ إلَى كُتُبِ الزَّاهِدِيِّ الْمُعْتَزِلِيِّ فَكَانَ الْأَلْيَقُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ الِاخْتِلَافُ يُوصِلُهُ إلَى الْكَرَاهِيَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ فَلَمْ يَبْقَ التَّحْرِيمُ كَمَا قِيلَ وَهَذِهِ عُجَالَةٌ سَمَحَ لِي بِهَا الْفَيَّاضُ الْعَلِيمُ بِبَرَكَةِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ الْحَمَوِيَّ مِحَشِّي الْأَشْبَاهِ نَقَلَ فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ أَحْكَامِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ رَوَى الْبَيْهَقِيّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ» وَهِيَ كَمَا فِي فَتْحٍ عِبَارَةٌ عَنْ ثَوْبَيْنِ مِنْ الْيَمَنِ فِيهِمَا خُطُوطٌ حُمْرٌ وَخُضْرٌ لَا أَنَّهَا حَمْرَاءُ بَحْتٌ فَلْيَكُنْ مَحْمَلُ الْبُرْدَةِ أَحَدَهُمَا بِدَلِيلِ نَهْيِهِ عَنْ لُبْسِ الْأَحْمَرِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْقَوْلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفِعْلِ، وَالْحَاظِرُ عَلَى الْمُبِيحِ وَتَعَارَضَا فَكَيْفَ إذَا لَمْ يَتَعَارَضَا بِالْحَمْلِ الْمَذْكُورِ. اهـ.

[فَائِدَةٌ وَضْعُ السُّتُورِ وَالْعَمَائِمِ وَالثِّيَابِ عَلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ الْأَوْلِيَاءِ]

(فَائِدَةٌ) وَضْعُ السُّتُورِ، وَالْعَمَائِمِ، وَالثِّيَابِ عَلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ الْأَوْلِيَاءِ كَرِهَهُ الْفُقَهَاءُ حَتَّى قَالَ فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ: وَتُكْرَهُ السُّتُورُ عَلَى الْقُبُورِ. اهـ. وَلَكِنْ نَحْنُ الْآنَ نَقُولُ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بِذَلِكَ التَّعْظِيمَ فِي أَعْيُنِ الْعَامَّةِ حَتَّى لَا يَحْتَقِرُوا صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ الَّذِي وُضِعَتْ عَلَيْهِ الثِّيَابُ، وَالْعَمَائِمُ وَلِجَلْبِ الْخُشُوعِ، وَالْأَدَبِ لِقُلُوبِ الْغَافِلِينَ الزَّائِرِينَ لِأَنَّ قُلُوبَهُمْ نَافِرَةٌ عِنْدَ الْحُضُورِ فِي التَّأَدُّبِ بَيْنَ يَدَيْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَدْفُونِينَ فِي تِلْكَ الْقُبُورِ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ حُضُورِ رُوحَانِيَّتِهِمْ الْمُبَارَكَةِ عِنْدَ قُبُورِهِمْ فَهُوَ أَمْرٌ جَائِزٌ لَا يَنْبَغِي النَّهْيُ عَنْهُ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ بِدْعَةً عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>