للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّكَاةُ فِيهَا، وَأَنَّهَا عِشْرُونَ لَيْسَ أَمْرًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فَقَدْ حَكَى الشَّيْخُ التَّتَّائِيُّ فِي كَبِيرِهِ خِلَافًا كَثِيرًا فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ قَدْ يُسَمَّى بِاسْمٍ فِي إقْلِيمٍ، وَيُسَمَّى بِاسْمٍ آخَرَ فِي إقْلِيمٍ آخَرَ، وَاخْتِلَافُ الْأَسْمَاءِ لَا تَتَغَيَّرُ بِهِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا فَهَلْ يُطْلَبُ بِزَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْهَا]

، وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ غَصَبَ أَرْضًا، وَزَرَعَهَا فَهَلْ يُطْلَبُ بِزَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْهَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟

فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَجِبُ عَلَى مَنْ زَرَعَ أَرْضًا فَنَبَتَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَرَادِب، وَوَيْبَةٌ فَأَكْثَرُ بِكَيْلِ سَاحِلِ بُولَاقَ زَكَاةُ ذَلِكَ إنْ كَانَ مِنْ الْأَصْنَافِ الَّتِي تُزَكَّى كَالْقَمْحِ، وَالشَّعِيرِ، وَالذُّرَةِ، وَنَحْوِهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَغَيْرِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي مُسْتَحِقِّ الزَّكَاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي آيَةِ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] إلَخْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ إيَّاهَا أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنْ كَانَ تَارِكًا لَهَا فَلَا يَسْتَحِقُّهَا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ: لَا يُشْتَرَطُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ إيَّاهَا أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنْ كَانَ تَارِكًا لَهَا اسْتَحَقَّهَا، وَجَازَ إعْطَاؤُهُ إيَّاهَا عَلَى وَجْهِ خِلَافِ الْأَوْلَى، وَالْأَوْلَى إعْطَاؤُهَا لِلْمُصَلِّي هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُعْطَى تَارِكُ مِنْ الزَّكَاةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُ كَافِرٌ، وَهُوَ بَعِيدٌ اهـ.

وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ، وَلَمْ يُجِزْ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يُعْطَاهَا تَارِكُ الصَّلَاةِ، وَقَالَ إنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ مَنْ فَعَلَهُ، وَهَذَا قَوْلٌ انْفَرَدَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَوْلَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِي إذَا كَانَ فِيهِ الْحَاجَةُ الْبَيِّنَةُ اهـ.

وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ، وَالنَّوَادِرِ ابْنُ عَرَفَةَ مُخْتَصَرًا وَسُئِلَ السُّيُورِيُّ عَنْ إعْطَاءِ قَلِيلِ الصَّلَاةِ.

فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْهَا فَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ هَذَا عَلَى وَجْهِ التَّشْدِيدِ، وَلَوْ أَعْطَاهُ لَمَضَى - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ - وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.

مَا قَوْلُكُمْ فِي إخْوَةٍ فِي عِيشَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَحَدُهُمْ مُشْتَغِلٌ بِطَلَبِ الْعِلْمِ، وَيَزِيدُ مِنْهُمْ فِي الْكِسْوَةِ، وَالنَّفَقَةِ، وَلَوْ قَسَّمُوا أَخَذَ نَصِيبَهُ مِثْلَ أَحَدِهِمْ، وَقَدْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ زَكَاةُ حَرْثٍ، وَعَيْنٍ، وَمَاشِيَةٍ فَهَلْ لَهُ أَخْذُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ الزَّكَاةِ، وَيَخُصُّ بِهِ نَفْسَهُ لِيَكْتَسِيَ مِنْهُ أَوْ يَشْتَرِيَ كِتَابًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ أَخْذِهِ فَهَلْ إذَا أَتَتْهُمْ مَظْلِمَةٌ غَيْرُ خَرَاجٍ، وَمُقَاطَعَةٍ لَهُمْ دَفْعُهَا فِيهَا أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَهُ أَخْذُ مَا وَجَبَ عَلَى إخْوَتِهِ فِي نَصِيبِهِمْ لِاتِّفَاقِ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْمُشْتَغِلِ بِالْعِلْمِ مُطْلَقًا الزَّكَاةَ بِالْأَوْلَى مِمَّا فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّ احْتِيَاجَ الدِّينِ لَهُ أَشَدُّ مِنْ احْتِيَاجِهِ مِمَّا فِيهَا أَمَّا مَا وَجَبَ فِي نَصِيبِهِ فَيَجِبُ دَفْعُهُ لِغَيْرِهِ مِمَّا فِي الْآيَةِ أَوْ مِثْلِهِ، وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ فِي الْمَظْلِمَةِ، وَإِنْ دُفِعَتْ لَمْ يَسْقُطْ بِهَا الْوَاجِبُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>