للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ شَرَطَ النَّفَقَةَ فِي نِكَاحِ الْكَبِيرِ الْمَالِكِ أَمْرَ نَفْسِهِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ عَلَى غَيْرِهِ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ بِكَوْنِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَتَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَا يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِظُهُورِ الْغَرَرِ وَالْفَسَادِ فِي هَذِهِ.

وَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى إعْطَاءِ حَمِيلٍ بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمَهْرِ فَإِنْ وَقَعَ النِّكَاحُ عَلَى ذَلِكَ كَانَ فَاسِدًا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى إذْ لَمْ تَرْضَى بِالْمُسَمَّى إلَّا لِأَجْلِ مَا اشْتَرَطَهُ مِنْ الْحَمَالَةِ وَتَسْقُطُ الْحَمَالَةُ، وَلَوْ وَقَعَ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِرَاطِ النَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ بَيَانُ رُجُوعِهَا عَلَى الزَّوْجِ إنْ مَاتَ مَنْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ مَا يُبْطِلُ النَّفَقَةَ عَنْهُ جَازَ النِّكَاحُ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ خِلَافُ السُّنَّةِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَإِلَيْهِ نَحَا الْأَبْهَرِيُّ وَمَا قُلْنَا أَظْهَرُ وَأَبْيَنُ اهـ.

وَقَالَ فِي رَسْمِ الْكِرَاءِ وَالْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِيمَنْ ضَمِنَ عَنْ ابْنِهِ نَفَقَةَ سِنِينَ سَمَّاهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ لَمْ يُسَمِّ دَنَانِيرَ إلَّا أَنَّهُ عَرَفَ وَجْهَ النَّفَقَةِ فَضَمِنَ نَفَقَةَ سِنِينَ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ مِثْلُ أَنْ يُرَادَ أَنْ يُقَامَ بِابْنِهِ لِيُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَضَمِنَ ذَلِكَ عَنْهُ أَبُوهُ أَرَى ذَلِكَ يَلْزَمُهُ مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ سَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ الْحَقُّ، وَكَذَا نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ إذَا ضَمِنَ الِابْنُ هَذِهِ حُقُوقٌ تُقْضَى قَدْ اُفْتُرِضَتْ وَلَيْسَ هَذَا كَاَلَّذِي يَضْمَنُ فِي النِّكَاحِ النَّفَقَةَ، ذَلِكَ شَيْءٌ لَمْ يَأْتِ وَلَمْ يُفْرَضْ وَلَمْ يَجِبْ، وَلَا أَمَدَ لَهُ وَمَجْهُولٌ كُلُّهُ يَكُونُ أَوْ لَا يَكُونُ وَمَتَى يَفْتَرِقَانِ أَوْ يَمُوتَانِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ: جَعْلُ الضَّمَانِ بِالنَّفَقَةِ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْحَيَاةِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لَمْ تَجِبْ بَعْدُ فَمَا وَجَبَ مِنْهَا فِي حَيَاتِهِ لَزِمَهُ وَمَا وَجَبَ مِنْهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِخِلَافِ الْحَمَالَةِ لِمَا قَدْ وَجَبَ مِنْ الْحُقُوقِ ذَلِكَ يَجِبُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَلَى عِوَضٍ وَهُوَ مَا رَضِيَ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ مِنْ تَرْكِ ذِمَّةِ غَرِيمِهِ وَأَمَّا إذَا تَحَمَّلَ فِي أَصْلِ عَقْدِ النِّكَاحِ بِالنَّفَقَةِ فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَرْضَ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ إلَّا بِشَرْطِ الْحَمَالَةِ فَوَجَبَ أَنْ تَلْزَمَهُ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْوَفَاةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَجَبَتْ بَعْدُ اهـ.

قُلْت قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا تَحَمَّلَ بِالنَّفَقَةِ فِي أَصْلِ عَقْدِ النِّكَاحِ. . . إلَخْ مُشْكِلٌ أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ وَتَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ يَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِ حَمِيلٍ بِالنَّفَقَةِ، وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِلْغَرَرِ وَتَسْقُطُ الْحَمَالَةُ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَالِاشْتِرَاطِ لَسَقَطَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ اشْتِرَاطَ النَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي آخِرِ بَابِ النِّحْلَةِ لَمَّا سُئِلَ عَمَّنْ تَطَوَّعَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى آخِرِ حَيَاتِهِ أَوْ مُدَّةً مَا ثُمَّ مَاتَ الْمُتَطَوِّعُ فَقَامَ الْآخَرُ يَطْلُبُ النَّفَقَةَ فِي تَرِكَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>