للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَضُرُّ بِالصَّبِيِّ لَمْ يُحَلْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّزْوِيجِ قَوْلٌ رَابِعٌ.

وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهَا تَرْكَ النِّكَاحِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ مُدَّةً قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهَا كَمَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ اهـ.

وَنَصُّ مَا فِي رَسْمِ الرُّهُونِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ قَالَ فِي رَجُلٍ فَادَى امْرَأَتَهُ عَلَى مَالٍ وَعَلَى رَضَاعِ وَلَدِهَا سَنَتَيْنِ هَلْ تَتَزَوَّجُ قَالَ إنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالصَّبِيِّ خُلِّيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّزْوِيجِ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لَمْ تُتْرَكْ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ اسْتَرْضَعَ امْرَأَةً لَا زَوْجَ لَهَا وَأَرَادَتْ التَّزْوِيجَ فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْت لَك.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ نَصَّ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا فِيمَا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَلَّمُونِ عَنْ كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إذَا صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا بِدَلِيلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ التَّزْوِيجِ حَتَّى تَتِمَّ مُدَّةُ الرَّضَاعِ.

وَفِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ إذَا الْتَزَمَتْ الْأُمُّ حَضَانَةَ ابْنِهَا وَتَزَوَّجَتْ فُسِخَ النِّكَاحُ حَتَّى يَتِمَّ أَمَدُ الْحَضَانَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُرِيدُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ شَرْطُهُ بَاطِلٌ لَا يَجُوزُ وَتَتَزَوَّجُ إنْ أَحَبَّتْ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ أَنَّهَا تَتَزَوَّجُ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهَا فِي عَقْدِ الْخُلْعِ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ مُدَّةَ الرَّضَاعِ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فَهُوَ الظَّاهِرُ.

وَفِي كَلَامِ ابْنِ سَلَّمُونِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ خِلَافُ مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[صَالَحَتْهُ زَوْجَتُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهَا عَلَى أَنْ لَا يَنْكِحَ أَبَدًا]

(فَرْعٌ) وَأَمَّا عَكْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي رَسْمِ سَعْدٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ التَّخْيِيرِ فِي رَجُلٍ صَالَحَتْهُ زَوْجَتُهُ عَلَى أَنْ يُفَارِقَهَا وَتُعْطِيَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا عَلَى أَنْ لَا يَنْكِحَ أَبَدًا فَإِنْ فَعَلَ رَدَّ إلَيْهَا مَالَهَا، قَالَ مَالِكٌ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْهَا وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَلْزَمْ بِالشَّرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَأَحْرَى أَنْ لَا يَلْزَمَهُ أَنْ يَرُدَّ لَهَا مَا أَخَذَ مِنْهَا إنْ نَكَحَ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ يَئُولُ بِذَلِكَ إلَى فَسَادٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَرْجِعُ إلَيْهَا فَيَكُونُ سَلَفًا أَوْ لَا يَرْجِعُ وَيَلْزَمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ فِي الْمُخَالِعِ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا أَنْ يُمْضِيَ الْخُلْعَ وَيَكُونَ لَهُ خُلْعُ مِثْلِهَا وَهَذَا إذَا عُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ مَا خَالَعَتْهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعْثَرْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى دَفَعَتْ إلَيْهِ مَا خَالَعَتْهُ عَلَيْهِ وَغَابَ عَلَيْهِ فَيَنْفُذُ الْخُلْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّ فَسْخَهُ وَرَدَّهُ إلَى خُلْعِ مِثْلِهَا تَتْمِيمٌ لِلْفَاسِدِ الَّذِي اقْتَضَاهُ الشَّرْطُ اهـ.

قُلْت: وَفِي قَوْلِهِ: " إنَّ فَسْخَهُ وَرَدَّهُ إلَى خُلْعِ مِثْلِهَا تَتْمِيمٌ لِلْفَاسِدِ " نَظَرٌ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ كَوْنُ الْفَاسِدِ بَعْدَ فَوْتِهِ بِالْقِيمَةِ تَتْمِيمًا لِلْفَاسِدِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْخُلْعِ وَذَكَرَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا الْأَوَّلِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا وَكَلَامَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ بِاخْتِصَارٍ وَيَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّانِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَسْأَلَةٌ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ الْخُلْعِ بِالْغَرَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>