للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَافِعًا لَهُ فِي هَذَا السَّمَاعِ، قَالَ وَكَانَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ الشُّيُوخِ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي مَسْأَلَةِ اشْتِرَاطِ التَّصْدِيقِ فِي اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ الَّتِي فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ سَوَاءٌ، فَيَأْتِي فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إعْمَالُ الشَّرْطِ وَإِبْطَالُهُ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَأْمُونِ وَاَلَّذِي يَبِيعُ لِغَيْرِهِ وَبَيْنَ الَّذِي لَيْسَ بِمَأْمُونٍ وَيَبِيعُ لِنَفْسِهِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ مُفْتَرِقَتَا الْمَعْنَى لَا تُحْمَلُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الَّتِي فِي هَذَا السَّمَاعِ أَعْنِي سَمَاعَ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ كِتَابَ الْبَضَائِعِ اُشْتُرِطَ فِيهَا إسْقَاطُ يَمِينٍ إنْ كَانَتْ قَدْ وَجَبَتْ حِينَ الشَّرْطِ وَلَمْ يَعْلَمَا بِوُجُوبِهَا وَاَلَّتِي فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ اُشْتُرِطَ فِيهَا إسْقَاطُ يَمِينٍ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَمْ تَجِبْ بَعْدُ، فَالْأُولَى بِمَثَابَةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ إنْ اشْتَرَى فُلَانٌ هَذَا الشِّقْصَ بِكَذَا فَقَدْ سَلَّمْت لَهُ الشُّفْعَةَ فَهَذَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إنْ كَانَ قَدْ اشْتَرَى، وَالثَّانِيَةُ بِمَثَابَةِ أَنْ يَقُولَ إنْ اشْتَرَى فُلَانٌ الشِّقْصَ فَقَدْ سَلَّمْت لَهُ الشُّفْعَةَ فَهَذَا لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إنْ اشْتَرَى؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ لَهُ فَلَا يَدْخُلُ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ التَّصْدِيقِ فِي اقْتِضَاءِ الدُّيُونِ دُونَ يَمِينٍ مِنْ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْعُيُوبِ، وَلَا فِيهَا نَصُّ خِلَافٍ قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ وَكُلُّ مَنْ وَضَعَ يَمِينًا قَبْلَ أَنْ تَجِبَ فَهِيَ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْخِلَافُ فِيهَا بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اهـ.

قُلْت فَحَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الَّذِي يَخْتَارُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ اشْتِرَاطِ التَّصْدِيقِ فِي اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ دُونَ يَمِينٍ الْمَنْصُوصُ فِيهَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ وَالْيَمِينُ لَازِمَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ وَكَمَا قَالَهُ فِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ مَنْصُوصٌ، وَإِنَّمَا يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ إسْقَاطِ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا حَكَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ بَاعَ رَقِيقًا وَاشْتَرَطَ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَذَلِكَ لَازِمٌ فِي الرَّجُلِ الْمَأْمُونِ وَفِي الَّذِي يَبِيعُ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْمُونِ إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ وَانْظُرْ كَلَامَ الْوَاضِحَةِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ فِيهِ سَقْطًا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ أَيْضًا فِي شَرْطِ التَّصْدِيقِ فِي السَّلَفِ وَالْبَيْعِ كَمَا ذَكَرَهُ هُوَ عَمَّنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ الشُّيُوخِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الرَّهْنِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شَرْطِ الْمُرْتَهِنِ عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ الْبَائِعُ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ يَشْتَرِطُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي عَدَمِ قَبْضِ الثَّمَنِ هَلْ يُوَفَّى لَهُ أَمْ لَا أَوْ يُوَفَّى لِلْمُتَوَرِّعِينَ عَنْ الْأَيْمَانِ دُونَ غَيْرِهِمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَعَلَى أَنَّهُ يُوَفَّى فَهَلْ يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي الْقَرْضِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَنْشَأُ عَنْهُ تَوَثُّقٌ فَكَانَ كَالرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ اهـ.

وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ بَدَّلَ قَوْلَهُ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ وَالْحَقُّ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى حَقٍّ لَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>