للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلَ.

قُلْت: وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا يَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الِالْتِزَامِ الْمُعَلَّقِ عَلَى فِعْلِ الْمُلْتَزِمِ بِكَسْرِ الزَّايِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْفِعْلِ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِهِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فَلَوْ الْتَزَمَهُ شَخْصٌ عَالِمٌ بِالْخِلَافِ مُقَلِّدًا لِلْقَوْلِ بِاللُّزُومِ فَهَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهِ أَمْ لَا يَدْخُلُ ذَلِكَ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ هُنَا.

وَفِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ وَفِي كِتَابِ الرَّهْنِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ اللُّزُومِ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْخَاتِمَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشُّرُوطِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ.

قُلْت: وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ أَعْنِي أَنَّ تَقْلِيدَ ذَلِكَ الْقَوْلِ الْقَائِلِ بِاللُّزُومِ لَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَلْ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ إذَا كَانَ مَرْجُوحًا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْكُمُ بِالرَّاجِحِ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَا يَعْتَقِدُهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَوَّلَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ شَخْصَانِ عَقْدًا يَعْتَقِدَانِ جَوَازَهُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ طَلَبَ أَحَدُهُمَا فَسْخَهُ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ يَرَى فَسْخَهُ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِالْفَسْخِ فَتَأَمَّلْهُ وَهَذَا الْكَلَامُ كُلُّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ فَإِنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا اللُّزُومُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) وَشَبَهُ مَسْأَلَةِ الرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ مَسْأَلَةُ اعْتِصَارِ الْأَبَوَيْنِ الْهِبَةَ مِنْ وَلَدِهِمَا حَيْثُ يَجُوزُ لَهُمَا الِاعْتِصَارُ فَلَوْ الْتَزَمَ الْوَاهِبُ مِنْهُمَا عَدَمَ الِاعْتِصَارِ فَالظَّاهِرُ لُزُومُ ذَلِكَ لَهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مَنْصُوصًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) الْوَكَالَةُ إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَلَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ عَزْلِهِ، وَأَمَّا إنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَمَهْمَا شَرَعَ فِي الْخُصُومَةِ فَلَا يَنْعَزِلُ وَلَوْ بِحُضُورِهِمَا مَا نَصُّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْعَزْلَ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ الْعَزْلَ بَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ اهـ.

وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ عَنْ الْجَلَّابِ: إذَا وَكَّلْتَ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ فَلَيْسَ لَك عَزْلُ الْوَكِيلِ إلَّا بِرِضَا الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقٌّ لِلْغَيْرِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ: أَنَّ لَك الْعَزْلَ كَسَائِرِ الْوَكَالَةِ اهـ. وَنَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ فِي الْمُنْتَقَى وَذَكَرَ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الرَّهْنِ مِنْ التَّوْضِيحِ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ عَزْلُ مَنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ إلَّا بِإِذْنِ مُرْتَهِنِهِ اهـ.

وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَإِذَا الْتَزَمَ الْمُوَكِّلُ عَدَمَ عَزْلِ الْوَكِيلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ السَّلَمِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِفَوْرِ الْعَقْدِ أَوْ يُوَكِّلُ مَنْ يُوفِي لِلْمُسْلِمِ قَالَ مَا نَصَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَلْ مِنْ شَرْطِ الْوَكَالَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَلْتَزِمَ الْمُوَكِّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>