للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَطَلَّقَهَا بِحَضْرَةِ ذَلِكَ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا يُرَى أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا لِمَكَانِ ذَلِكَ لَمْ تَرْجِعُ عَلَيْهِ. قَالَ أَصْبَغُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بِحِدْثَانِ الْإِسْقَاطِ لِيَمِينٍ نَزَلَتْ، وَلَمْ يَتَعَمَّدْ، وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ الْيَمِينَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهَا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ لِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَسْقَطَتْ صَدَاقَهَا لِمَعْنًى وَلِتَبْقَى زَوْجَةً فِي عِصْمَتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ لَهَا لَمْ يَلْزَمْهَا مَا أَعْطَتْهُ، وَلَوْ أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ قُرْبَ تَزْوِيجِهِ، أَوْ بَعْدَ اهـ. وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ فِي بَابِ الْخُلْعِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْكَلَامِ عَلَى هِبَةِ الْمَرْأَةِ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا وَقَبِلَاهُ.

فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَعْطَتْهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا، فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ فِي الَّذِي سَأَلَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَضَعَ عَنْهُ صَدَاقَهَا فَقَالَتْ أَخَافُ أَنْ تُطَلِّقَنِي فَقَالَ مَا أَفْعَلُ فَتَضَعُ عَنْهُ صَدَاقَهَا فَقَالَ مَالِكٌ أَرَى لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا وَضَعَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ طَالَ الزَّمَانُ وَتَبَيَّنَ صِحَّةُ ذَلِكَ ثُمَّ طَلَّقَ فَلَا أَرَى لَهَا شَيْئًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إذَا سَأَلَهَا الزَّوْجُ أَنْ تَضَعَ عَنْهُ صَدَاقَهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَضَعَهُ عَنْهُ وَتَسْكُتَ، أَوْ تَقُولَ إنَّمَا أَضَعُهُ عَنْك عَلَى أَنَّك إنْ طَلَّقْتنِي رَجَعْتُ عَلَيْك، فَإِنَّ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ إنْ طَلَّقَهَا بِقُرْبِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَقُولَ لَهُ إنَّمَا أَضَعُهُ عَلَى أَنَّك لَا تُطَلِّقنِي أَبَدًا، أَوْ عَلَى أَنَّك مَتَى طَلَّقْتنِي رَجَعْت عَلَيْك بِصَدَاقِي فَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِصَدَاقِهَا مَتَى طَلَّقَهَا كَانَ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ، أَوْ بَعْدَ طُولٍ مِنْ الزَّمَانِ.

وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ فِي الَّتِي تَقُولُ لِزَوْجِهَا إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ عَلَيَّ فَصَدَاقِي عَلَيْك صَدَقَةٌ فَيَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا بِالْقُرْبِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِصَدَاقِهَا بِخِلَافِ الَّذِي يَقُولُ: لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَضَعِي لِي صَدَاقَك فَتَضَعُهُ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا، وَقَدْ مَضَى الْفَرْقُ هُنَاكَ اهـ.

وَمَسْأَلَةُ أَصْبَغَ الَّتِي قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهَا فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَاخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ فِيهَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ، وَأَمَّا قَوْلُ أَصْبَغَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بِيَمِينٍ إلَخْ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَالشَّيْخِ خَلِيلٍ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَلَمْ يَزِدْ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا عَلَى أَنْ ذَكَرَ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي مَعَهَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الَّذِي يَقُولُ: لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَضَعِي لِي صَدَاقَك فَقَالَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَصَدَّقَتْ عَلَيْهِ بِالصَّدَاقِ عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا وَلَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمَعْنَى فِي اشْتِرَاطِهَا أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، فَإِذَا لَمْ يُوفِ لَهَا بِذَلِكَ وَطَلَّقَهَا بِالْقُرْبِ وَجَبَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ كَاَلَّذِي سَأَلَ زَوْجَتَهُ أَنْ تَضَعَ عَنْهُ صَدَاقَهَا فَتَضَعُهُ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، فَإِنَّمَا هِيَ يَمِينٌ بِالطَّلَاقِ قَدْ لَزِمَتْهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ لَمْ تَتْرُكْ لَهُ الصَّدَاقَ فَتَرْكُهَا إنَّمَا هُوَ فِرَارٌ مِنْ تِلْكَ الْيَمِينِ الَّتِي حَلَفَ بِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَنْظُرَ لِنَفْسِهَا فَتَقُولَ: لَا أَتْرُكُ لَك الصَّدَاقَ إلَّا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>