للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَالَ اسْعَ لِي فِي نِكَاحِ بِنْتِ فُلَانٍ، أَوْ شَخِّصْ لِي فِي ذَلِكَ وَلَك كَذَا وَكَذَا قَالَ إذَا سَعَى فِي ذَلِكَ وَكَانَ حَيْثُ هُوَ فِي حَاضِرَتِهِ، وَلَمْ يُشَخِّصْ فِيهَا إلَى بَلَدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَلِكَ يَلْزَمُهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْجُعْلَ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ فِي أَمْرٍ مُبَاحٍ لَا يَلْزَمُ الْمَجْعُولَ لَهُ فِعْلُهُ، وَقَدْ مَضَى بَيَانُ هَذَا الْمَعْنَى فِي رَسْمِ الْبُرْزُلِيِّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَضَى فِي رَسْمِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ الْقَوْلُ عَلَى قَوْلِهِ وَلِّنِي النِّكَاحَ وَلَّيْتُك النِّكَاحَ وَلَك كَذَا وَكَذَا، أَوْ وَلِّنِي بَيْعَ دَارِك وَلَك كَذَا وَكَذَا وَبَيَّنْت الْمَعْنَى فِي الْفَرْقِ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا شَرْطُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حَاضِرَتِهِ وَلَا يَشْخَصُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَلَا وَجْهَ لَهُ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لِلْجَاعِلِ فِي شُخُوصِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ إنْ لَمْ يَتِمَّ لَهُ النِّكَاحُ، وَهُوَ يَشْخَصُ فِي ذَلِكَ رَجَاءَ أَنْ يَصِحَّ لَهُ الْجُعْلُ بِتَمَامِهِ كَمَا يَشْخَصُ لِطَلَبِ الْإِبَاقِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ رَجَاءَ أَنْ يَجِدَهُ فَيَجِبُ لَهُ الْجُعْلُ الَّذِي جَعَلَ لَهُ فِيهِ وَذَلِكَ بِخِلَافِ الرَّجُلِ يُجَاعِلُ الرَّجُلَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ ثَوْبَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى بَيْعِهِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ انْتَفَعَ الْجَاعِلُ بِحَمْلِ سِلْعَتِهِ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ، فَهَذِهِ هِيَ الْعِلَّةُ فِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ حَسْبَمَا مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ مَعْدُومَةٌ فِي مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ هَذِهِ فَوَجَبَ أَنْ تَجُوزَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

قُلْت: هَذَا كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الْمَوْعُودُ بِهِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْجُعْلِ مَعَ عِلْمِ الْجَاعِلِ وَالْمَجْعُولِ لَهُ بِمَوْضِعِ الْآبِقِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ فِي رَجُلٍ أَرَادَ السَّفَرَ مَعَ أُمِّهِ فَقَالَ لَهُ عَمُّهُ اُتْرُكْ السَّفَرَ مَعَ أُمِّك وَأُزَوِّجُك ابْنَتِي وَأُعْطِيك عَشَرَةَ مَثَاقِيلَ فَتَرَكَ الْمَسِيرَ مَعَ أُمِّهِ ثُمَّ قَامَ عَلَى عَمِّهِ بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ يَطْلُبُهُ الْعِدَةَ. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَى عَمِّهِ بِدَفْعِ الْعَشَرَةِ مَثَاقِيلَ إلَيْهِ وَيُنْكِحُهُ ابْنَتَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عَقَدَ نِكَاحَهَا مَعَ أَحَدٍ فَلَا يَحِلُّ النِّكَاحُ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا عِدَةٌ قَارَنَهَا سَبَبٌ، وَهُوَ تَرَكَ الْمَسِيرَ مَعَ أُمِّهِ وَبِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا اهـ. وَفُهِمَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وِلَايَةُ الْجَبْرِ عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَعْقِدَ نِكَاحَهَا لِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ مَسَائِلِ بُيُوعٍ وَكِرَاءٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الرَّدِّ بِالْعُيُوبِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ جَوَازِ سُؤَالِ الْوَاحِدِ أَنْ يَكْفِ عَنْ الزِّيَادَةِ فِي الْمَبِيعِ وَعَدَمِ سُؤَالِ الْجَمِيعِ، فَلَوْ قَالَ لِوَاحِدٍ كُفَّ عَنِّي وَلَك دِينَارٌ جَازَ ذَلِكَ وَلَزِمَهُ اشْتَرَى أَوْ لَمْ يَشْتَرِ، وَلَوْ قَالَ كُفَّ عَنِّي وَلَك نِصْفُهَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرِكَةِ لَجَازَ أَيْضًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ إذَا أَعْطَاهُ النِّصْفَ عَلَى سَبِيلِ الْعَطِيَّةِ فَكَأَنَّهُ أَعْطَاهُ عَلَى أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهِ وَيَكُفُّ عَنْهُ مَا لَا يَمْلِكُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>