للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَا وَكَذَا كَانَتْ عِدَةً عَلَى سَبَبٍ تَجْرِي عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ اهـ.

وَقَوْلُهُ: " وَلَوْ عَلَّقَ الْعَطِيَّةَ بِالتَّزْوِيجِ " إلَى قَوْلِهِ: " لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى حِيَازَةٍ " مَعْنَاهُ إذَا تَزَوَّجَ قَبْلَ أَنْ يُفْلِسَ، أَوْ يَمُوتَ هَذَا مِنْ الِالْتِزَامِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُلْتَزَمِ لَهُ وَسَيَأْتِي فِي النَّوْعِ السَّادِسِ الِالْتِزَامُ الَّذِي مِنْ بَابِ هِبَةِ الثَّوَابِ وَمِنْ بَابِ الْجُعْلِ مُخَالِفٌ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ فَيُطْلَبُ فِي الشَّيْءِ الْمُلْتَزَمِ بِهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لَا غَرَرَ فِيهِ.

[قَالَ مَنْ جَاءَنِي بِهِ يَعْنِي الْعَبْدَ الْآبِقَ فَلَهُ نِصْفُهُ]

(الثَّانِي) فِي كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ قَالَ مَنْ جَاءَنِي بِهِ يَعْنِي الْعَبْدَ الْآبِقَ فَلَهُ نِصْفُهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إذْ لَا يَدْرِي مَا دَخْلُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِإِجَارَةٍ أَوْ جُعْلٍ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ عَلَى هَذَا فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْجُعْلِ رَأَيْت فِي مَسَائِلَ مُنْتَخَبَةٍ لِابْنِ لُبَابَةَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ بِهِ، وَأَنْ يُجْعَلَ جُعْلًا وَمَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ لَمْ يَجُزْ الِاسْتِئْجَارُ بِهِ وَلَا جَعْلُهُ جُعْلًا إلَّا خَصْلَتَيْنِ فِيمَنْ يَجْعَلُ لِرَجُلٍ عَلَى أَنْ يَغْرِسَ لَهُ أُصُولًا حَتَّى تَبْلُغَ حَدَّ كَذَا ثُمَّ هِيَ وَالْأَصْلُ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ نِصْفَ هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَفِيمَنْ يَقُولُ: اُلْقُطْ زَيْتُونِي فَمَا لَقَطْت مِنْ شَيْءٍ فَلَكَ نِصْفُهُ، فَهَذَا يَجُوزُ يُرِيدُ وَبَيْعُهُ لَا يَجُوزُ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي جَوَازِ اقْتَضِ لِي مِائَةً عَلَى فُلَانٍ وَمَا اقْتَضَيْت فَلَكَ نِصْفُهُ وَهُمَا سَوَاءٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ: الْفَرْقُ أَنَّ فِي لَقْطِ الزَّيْتُونِ غَرَرًا؛ لِأَنَّ أَوَّلَهُ أَهْوَنُ مِنْ آخِرِهِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا كَانَ كَثِيرًا لَقَطَ عَلَى الْعُشْرِ وَأَقَلَّ، وَإِذَا كَانَ خَفِيفًا لَقَطَ عَلَى النِّصْفِ وَأَكْثَرَ وَلَا يَدْرِي الْجَاعِلُ هَلْ يُتِمُّ الْعَامِلُ الْعَمَلَ أَمْ لَا؟ فَالْأَظْهَرُ مَنْعُ الْجُعْلِ فِيهِ.

وَأَمَّا الْمُجَاعَلَةُ عَلَى اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ بِالْجُزْءِ مِمَّا يَقْتَضِي فَأَشْهَبُ لَا يُجِيزُهُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ جَائِزٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ فِي الْعَنَاءِ، وَأَمَّا الْحَصَادُ وَالْجَذُّ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي جَوَازِ الْمُجَاعَلَةِ فِيهِ عَلَى الْجُزْءِ مِنْهُ بِأَنْ يَقُولَ: جُذَّ مِنْ نَخْلِي مَا شِئْت وَاحْصُدْ مِنْ زَرْعِي مَا شِئْت عَلَى أَنَّ لَك مِنْ كُلِّ مَا تَجُذُّ، أَوْ تَحْصُدُ جُزْءًا كَذَا الْجُزْءُ يُسَمِّيه اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ الْجُعْلِ.

قُلْت: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي لَقْطِ الزَّيْتُونِ الْجَوَازُ. وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَصَادِ قَوْلَيْنِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ الِاتِّفَاقِ.

(فَرْعٌ) وَعَلَى جَوَازِ الْجُعْلِ فِي اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ بِجُزْءٍ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ قَالَ اقْتَضِ لِي مِائَةً مِنْ فُلَانٍ وَلَك نِصْفُهَا وَمَا اقْتَضَيْت مِنْ شَيْءٍ فَلَكَ نِصْفُهُ جَازَ، وَلَوْ لَمْ يَزِدْ وَمَا اقْتَضَيْت مِنْ شَيْءٍ فَلَكَ نِصْفُهُ فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ. ابْنُ رُشْدٍ بِنَاءً عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْإِجَارَةِ، أَوْ الْجُعْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>