للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ) لَوْ قَالَ إنْ جِئْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ خِدْمَتُهُ شَهْرًا وَعَمَلُهُ كَذَا كَانَ جُعْلًا فَاسِدًا لِجَهْلِ عِوَضِهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِّ الْجُعْلِ.

(فَرْعٌ) قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ مَنْ جَعَلَ جُعْلًا لِمَنْ جَاءَ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ نِصْفَهُ فَجَاءَ بِهِ شَخْصٌ وَهَلَكَ بِيَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ لِرَبِّهِ فَهُوَ جُعْلٌ فَاسِدٌ وَلِلْمَجْعُولِ لَهُ عَلَى الْجَاعِلِ فِيهِ عَنَاؤُهُ فِي ذَهَابِهِ فِي طَلَبِهِ وَنِصْفُ قِيمَةِ عَنَائِهِ فِي رُجُوعِهِ إلَى وَقْتِ هَلَاكِ الْعَبْدِ وَلِلْجَاعِلِ الْمَجْعُولِ لَهُ قِيمَةُ نِصْفِ عَبْدِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِقَبْضِهِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) سُئِلْتُ عَنْهَا وَهِيَ رَجُلٌ أَسْكَنَ شَخْصًا دَارًا لَهُ عَلَى أَنْ يُسْكِنَهُ الْآخَرُ دَارًا لَهُ وَرَضِيَ كُلُّ وَاحِدٍ بِسُكْنَاهُ فِي دَارِ صَاحِبِهِ عِوَضًا عَنْ سُكْنَى دَارِهِ وَالْتَزَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرِّضَا بِذَلِكَ مُدَّةَ حَيَاتِهِ.

(فَأَجَبْتُ) بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لِكَوْنِهَا إلَى مُدَّةٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَاتَ الْمُلْتَزِمُ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ الْمُلْتَزَمُ لَهُ فِي الْعَمَلِ]

(الثَّالِثُ) الِالْتِزَامُ هُنَا مُخَالِفٌ لِغَيْرِهِ أَيْضًا فِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُلْتَزِمُ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ الْمُلْتَزَمُ لَهُ فِي الْعَمَلِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ التَّمَادِي، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ تَمَّ الْعَمَلُ لَزِمَ الْجُعْلُ الْمُلْتَزِمَ، وَإِنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَتَبَعَّضُ كَطَلَبِ الْآبِقِ وَحَفْرِ الْآبَارِ، فَهَذَا لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ تَمَامِهِ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَتَبَعَّضُ كَالْحَصْدِ وَاللَّقْطِ وَاقْتِضَاءِ الدَّيْنِ، فَهَذَا لَا يَلْزَمُ وَرَثَةَ الْمُلْتَزِمِ أَنْ يُبْقُوهُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاقْتِضَاءُ يَحْتَاجُ إلَى شُخُوصٍ مِنْ الْبَلَدِ وَمَاتَ الْمُلْتَزِمُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ الْمُلْتَزَمُ لَهُ فِي الطَّلَبِ وَالشُّخُوصِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ فِي اقْتِضَاءِ مَا كَانَ قَامَ فِيهِ وَلِوَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ يَعْنِي الْمُلْتَزَمَ لَهُ الْقِيَامُ مَقَامَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ.

(تَنْبِيهٌ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ وَفِي مَسْأَلَةِ مَنْ قَالَ احْلِفْ لِي وَلَك كَذَا وَكَذَا هَلْ يَفْتَقِرُ لِلْحَوْزِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْفَلْسِ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ لِذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ كَانَ لَك عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَّةً فَأَشْهَدْت لَهُ أَنَّهُ إنْ أَعْطَاك مِائَةً مِنْ الْأَلْفِ الْحَالَّةِ إلَى شَهْرٍ فَبَاقِيهَا سَاقِطٌ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالْأَلْفُ كُلُّهَا لَازِمَةٌ لَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَكُمَا لَازِمٌ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ إنْ أَتَى بِالْحَقِّ كُلِّهِ لِلْوَقْتِ فَذَلِكَ لَازِمٌ، وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ، أَوْ بَقِيَ مِنْهُ مَا لَهُ بَالٌ رَجَعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ.

وَإِنْ أَتَى بِهِ لِلْوَقْتِ إلَّا دِرْهَمًا، أَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ بِيَوْمٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَمْ لَا؟ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>