للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَائِزَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تَجُوزُ هِبَةُ الْمَجْهُولِ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ كَثِيرٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ اللَّخْمِيُّ هِبَةُ الْمَجْهُولِ وَالصَّدَقَةُ بِهِ مَاضِيَةٌ وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهَا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْعَطِيَّةِ خَوْفَ النَّدَمِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي لُزُومِ هِبَةِ مَا جُهِلَ قَدْرُهُ مِنْ إرْثٍ نَاجِزٍ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ اللُّزُومُ مُطْلَقًا وَعَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَائِلًا: وَلَوْ ظَهَرَتْ كَثْرَتُهُ.

الثَّانِي: عَدَمُ اللُّزُومِ مُطْلَقًا وَعَزَاهُ لِنَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَالثَّالِثُ: اللُّزُومُ إنْ عَرَفَ قَدْرَ جَمِيعِ الْمَالِ الْمَوْرُوثِ، وَلَوْ جَهِلَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَيِّتِ وَعَدَمُ اللُّزُومِ إذَا جَهِلَ قَدْرَ الْمَالِ، وَلَوْ عَرَفَ قَدْرَ نَصِيبِهِ وَعَزَاهُ لِابْنِ فَتُّوحٍ عَنْ بَعْضِهِمْ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ ثُمَّ قَالَ حَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَتِهِ فِي بَابِ الْقَطَائِعِ فِي جَوَازِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ رِوَايَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَفِي التَّنْبِيهِ لِابْنِ بَشِيرٍ فِي كِتَابِ الْعَرَايَا حَكَى مُحَمَّدٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ. وَقَالَ مَنْ لَا تَحْقِيقَ عِنْدَهُ مِنْ الْمُلَقَّبِينَ بِالْفُقَهَاءِ: فِي هِبَةِ الْمَجْهُولِ قَوْلَانِ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ لِمَا رَأَى مِنْ الْخِلَافِ فِيمَنْ وَهَبَ مَجْهُولًا وَقَالَ مَا ظَنَنْت هَذَا الْمِقْدَارَ هَلْ لَهُ رَدُّهُ أَمْ لَا اهـ.

وَيَعْنِي ابْنُ بَشِيرٍ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي اللُّزُومِ يُبَيِّنُ ذَلِكَ بَقِيَّةُ كَلَامِهِ فِي التَّنْبِيهِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَهَذَا أَصْلٌ ثَانٍ لَا يَعُودُ بِالْخِلَافِ فِي صِحَّةِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافٌ فِي إلْزَامِهِ كُلَّ مَا ظَهَرَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ مَا ظَنَّ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ وَهَبَهُ اهـ.

(تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ) يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ يَهَبُهُ مِنْ قَرِيبِهِ عَلَى الْجَزْمِ مِنْ الْآنَ، وَأَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ وَقَالَ إنْ مَلَكْت الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ كَمَا تَقَدَّمَ.

(الثَّانِي) إذَا وَهَبَ مِيرَاثَهُ لِمُوَرِّثِهِ فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْوَاهِبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ أَيْضًا إلَّا أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ رَوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَمَّى لَهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَهَبَ لَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ فَذَلِكَ لَهُ قَالَ الْبَاجِيُّ: لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ الْوَجْهَ الَّذِي سَأَلَهُ إنْفَاذَهُ فِيهِ، وَقَدْ وُجِدَ الْإِنْفَاذُ مِنْ الْوَاهِبِ الْوَارِثِ، وَلَوْ قَالَ أَعْطَيْته أَوْصِ بِهِ لِفُلَانٍ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهِ لِوَارِثٍ آخَرَ، فَإِنْ أَنْفَذَهُ مَضَى، وَإِنْ لَمْ يُنَفِّذْهُ فَهُوَ رَدٌّ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُوَطَّإِ: وَلَوْ وَهَبَ مِيرَاثًا فَأَنْفَذَ الْمَالِكُ بَعْضَهُ وَبَقِيَ بَعْضُهُ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْوَاهِبِ اهـ.

(الثَّالِثُ) هِبَةُ الْوَارِثِ مِيرَاثَهُ لِمُوَرِّثِهِ إنَّمَا تَلْزَمُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي إجَازَةِ الْوَصِيَّةِ قَالَ فِي رَسْمِ الْجَوَابِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ وَسَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ يَسْأَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>