للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرَ دَمِهِ وَأَقَامَهُ فِيهِ مَقَامَ نَفْسِهِ فَعَفَا عَنْ الدَّمِ وَأَبَى الْأَوْلِيَاءُ، أَوْ عَفَوْا وَأَبَى الْوَكِيلُ، فَإِنْ ثَبَتَ الدَّمُ بِبَيِّنَةٍ فَالْأَمْرُ لِلْوَكِيلِ فِي الْعَفْوِ وَالْقَتْلِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بِقَسَامَةٍ فَالْعَفْوُ وَالْقَتْلُ لِلْوُلَاةِ.

قُلْت: هَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ السَّابِقِ وَالْجَارِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْفَرْعِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا كَلَامَ لِلْأَوْلِيَاءِ إذَا أَوْصَى بِالْقَتْلِ، وَلَوْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[أَعْتَقَ أَمَةً عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَهُ]

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) إذَا أَعْتَقَ أَمَةً عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَهُ لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَلَا يَلْزَمُهَا النِّكَاحُ قَالَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَنْكِحَهَا أَوْ تَنْكِحَ فُلَانًا فَامْتَنَعَتْ فَهِيَ حُرَّةٌ وَلَا يَلْزَمُهَا النِّكَاحُ إلَّا أَنْ تَشَاءَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ إذَا أُعْتِقَتْ سَقَطَ إجْبَارُ السَّيِّدِ إيَّاهَا، فَقَدْ أَسْقَطَتْ بِذَلِكَ حَقَّهَا مِنْ الْخِيَارِ قَبْلَ ثُبُوتِ ذَلِكَ الْحَقِّ لَهَا فَأَسْقَطَتْ الْحَقَّ قَبْلَ وُجُوبِهِ فَلَا يَصِحُّ كَالشَّفِيعِ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ قَبْلَ بَيْعِ الشِّقْصِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهَا النِّكَاحُ إلَّا أَنْ تَشَاءَ يُرِيدُ بِعَقْدٍ ثَانٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ فِيهِ خِيَارٌ اهـ. كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ.

(تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَلَا يَجُوزُ هَذَا النِّكَاحُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَمِلْكِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا، فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهَا النِّكَاحَ قَبْلَ الْعِتْقِ ثُمَّ نَكَحَهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا فُسِخَ وَكَانَ لَهَا الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى وَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ نِكَاحُهَا إنْ شَاءَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ اهـ.

(الثَّانِي) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَعْدَ الْكَلَامِ السَّابِقِ: وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تَعْتِقَ أَمَتَك وَتُزَوِّجَنِيهَا فَأَعْتَقَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَلَهَا أَنْ لَا تَنْكِحَهُ وَالْأَلْفُ لِلرَّجُلِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَلْفَ لَازِمَةٌ كُلَّهَا وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا لِمَوْضِعِ النِّكَاحِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَاسْتَحْسَنَهُ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ سِيَاقَ كَلَامِ مُحَمَّدٍ مَسَاقُ التَّفْسِيرِ وَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَلَى الْخِلَافِ فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ مُحَمَّدٍ وَاسْتِحْسَانِ أَصْبَغَ وَوَقَفَ مُحَمَّدٌ عِنْدَ قَوْلِهِ فِيهَا وَاسْتِحْسَانِ قَوْلِ أَصْبَغَ وَرَأَى أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ أَصْوَبُ، وَأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ فِي الْحُرِّيَّةِ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا وَلَا يَدْخُلُ اسْتِثْنَاءٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ اهـ. كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ.

قُلْت: زَادَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَدْخُلُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ مَا نَصَّهُ مِثْلُ مَا لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَعْتِقْهَا وَلَك خِدْمَةُ عِشْرِينَ سَنَةً فَأَعْتَقَهَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْ الْخِدْمَةِ شَيْءٌ وَلَا يُرْجَعُ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا دَفَعَ عَنْ الْخِدْمَةِ بِشَيْءٍ.

أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى نَخْلًا وَفِيهِ ثَمَرٌ قَدْ أُبِّرَ قَبْلَ أَنْ يَطِيبَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَطَابَ عِنْدَهُ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ فِي ذَلِكَ جَائِحَةٌ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُ أَصْلِ النَّخْلِ قَلِيلًا أَرْبَعِينَ دِينَارًا، أَوْ أَقَلَّ فَأَتَمَّهُ مِائَةَ دِينَارٍ لِلثَّمَرَةِ لَمْ يُنْظَرْ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَلَمْ يُحْكَمْ فِيهِ بِجَائِحَةٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ كُلَّهُ إنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>