للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ فِيهِ خِلَافًا فَانْظُرْهُ.

[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فِي الشُّرُوطِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقَرْضِ]

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) فِي الشُّرُوطِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقَرْضِ وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَفْسُدُ فِيهِ الْقَرْضُ وَقِسْمٌ لَا يَفْسُدُ بِهِ الْقَرْضُ وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ.

(فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ) كُلُّ مَا جَرَّ نَفْعًا لِغَيْرِ الْمُقْتَرِضِ سَوَاءٌ جَرَّهُ لِلْمُقْتَرِضِ، أَوْ لِغَيْرِ الْمُقْرِضِ وَالْمُقْتَرِضِ قَالَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ: وَالْآجَالُ فِيمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ حَلَّ أَجَلُهَا فَيَعْسُرُ بِهَا فَيَقُولُ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ: وَأَنَا أُسَلِّفُك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ قَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ الَّذِي يُعْطِي يَكُونُ لَهُ عَلَى الَّذِي لَهُ الْحَقُّ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ قَضَاءً عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَسَلَفًا لَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ السَّلَفُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمُسَلِّفُ مَنْفَعَةَ الْمُتَسَلِّفِ لَا مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ وَلَا مَنْفَعَةَ مَنْ سِوَاهُ اهـ. بِالْمَعْنَى.

فَكُلُّ شَرْطٍ أَدَّى إلَى مَنْفَعَةِ غَيْرِ الْمُتَسَلِّفِ، فَإِنَّهُ يَفْسُدُ بِهِ الْقَرْضُ كَشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ سَالِمًا بَدَلَ عَفِنٍ، أَوْ مُسَوَّسٍ، أَوْ شَرْطِ أَنْ يَقْضِيَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ لِلْمُقْرِضِ بِحَمْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَيَفْسُدُ الْقَرْضُ بِذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ رُدَّ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُقَوَّمِ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(وَالْقِسْمُ الثَّانِي) مَا لَا يَفْسُدُ بِهِ الْقَرْضُ وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ كَشَرْطِ الْمُقْرِضِ الرَّهْنَ أَوْ الْحَمِيلَ وَكَشَرْطِ الْمُسْتَقْرِضِ الْأَجَلَ، فَإِنْ اقْتَرَضَ إلَى أَجَلٍ سَمَّاهُ لَزِمَ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَجَلًا رُجِعَ إلَى التَّحْدِيدِ بِالْعَادَةِ وَلَيْسَ لِلْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ قَبْلَهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ أَجَلُهُ، أَوْ حَالًّا وَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ لِلَّذِي عَلَيْهِ أُؤَخِّرُك مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مُدَّةِ التَّأْخِيرِ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ قَدْرَ الْعَادَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْفَرْعِ الْعَاشِرِ إذَا اشْتَرَطَ تَرْكَ الْمُقَاصَّةِ.

(الْقِسْمُ الثَّالِثُ) الْمُخْتَلَفُ فِيهِ، وَهُوَ مَا إذَا شَرَطَ فِيهِ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ كَمَا إذَا شَرَطَ رَدَّ الْمِثْلِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ سَنَدٌ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: أُقْرِضُك هَذِهِ الْحِنْطَةَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي مِثْلَهَا، وَإِنْ كَانَ الْقَرْضُ يَقْتَضِي إعْطَاءَ الْمِثْلِ لِإِظْهَارِ صُورَةِ الْمُكَايَسَةِ قَالَ أَشْهَبُ إنْ قَصَدَ بِالْمِثْلِ عَدَمَ الزِّيَادَةِ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، فَإِنْ قَصَدَ الْمُكَايَسَةَ كُرِهَ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِعَدَمِ النَّفْعِ لِلْمُقْرِضِ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ " إلَّا أَنْ يُقْرِضَهُ شَيْئًا فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَمِقْدَارًا ": يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ جَوَازُ اشْتِرَاطِ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ وَالْمِقْدَارَ يُوجِبُهُمَا الْحُكْمُ، وَإِنْ لَمْ تَقَعْ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا فِي الْفَرْضِ وَاخْتُلِفَ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ بِهِمَا إنْ وَقَعَ وَنَزَلَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا يُمْنَعُ فِي الطَّعَامِ، فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا الْتَزَمَ الْمُتَسَلِّفُ تَصْدِيقَ الْمُسَلِّفِ فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ دُونَ يَمِينٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>