للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفُلَانٍ اهـ.

قَالَ الْعَدَوِيُّ قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَثْنِيَ إلَخْ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ فَلَا يَقْضِ فِي الْأَمْوَالِ بِالشَّاهِدِ، وَالْيَمِينِ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ طَلَبَهُ شَيْخُ بَلَدِهِ لِشُغْلٍ مِنْ أَشْغَالِ الْمِيرِيِّ فَهَرَبَ فَأَمْسَكَهُ، وَحَبَسَهُ مُدَّةً ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ السِّجْنِ، وَأَلْزَمَهُ بِأَنْ يَأْتِيَ بِوَلَدِهِ أَوْ يَذْهَبَ بِنَفْسِهِ، وَسَلَّمَهُ لِبَعْضِ أَعْوَانِهِ فَقَالَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ: اضْرِبُوهُ لِئَلَّا يَهْرُبَ، وَقَالَ آخَرُ: حَلِّفُوهُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى عَدَمِ الْهُرُوبِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى عَدَمِ الْهُرُوبِ، وَهَرَبَ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ: نَعَمْ لَا تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ، وَطَلَاقُ الْمُكْرَهِ لَا يَلْزَمُ عِنْدَ مَالِكٍ كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى إيقَاعِهِ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ أَوْ عَلَى الْيَمِينِ بِهِ سَوَاءً لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى فِعْلٍ يَحْنَثُ بِهِ فِي الطَّلَاقِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْإِكْرَاهُ فِي الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ، وَيَكُونُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِمَا يُؤْلِمُ الْبَدَنَ مِنْ الضَّرْبِ، وَالْقَتْلِ، وَالصَّفْعِ لِذِي الْمُرُوءَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ التَّخْوِيفُ بِقَتْلِ وَلَدٍ فَإِنْ كَانَ بِقَتْلِ أَجْنَبِيٍّ فَقَوْلَانِ، وَالتَّخْوِيفُ بِالْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إكْرَاهًا.

وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ.

وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ كَثِيرًا فَيَكُونَ إكْرَاهًا أَوْ يَكُونَ يَسِيرًا فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ إكْرَاهًا اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ. .

[قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت خَالِصَةٌ أَوْ تَكُونِي خَالِصَةً فَهَلْ يَلْزَمُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت خَالِصَةٌ أَوْ تَكُونِي خَالِصَةً فَهَلْ يَلْزَمُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَوْ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِذَا قُلْتُمْ وَاحِدَةً فَهَلْ تَكُونُ رَجْعِيَّةً أَمْ بَائِنَةً؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

وَرَأَيْت الْجَوَابَ عَنْهُ مَعْزُوًّا لِشَيْخِ مَشَايِخِنَا خَاتِمَةِ الْمُحَقِّقِينَ أَبِي مُحَمَّدٍ مُحَمَّدٍ الْأَمِيرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. لَفْظُ خَالِصَةٍ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ فِي أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ الَّتِي عَدَّهَا الْفُقَهَاءُ لَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَى لَفْظِ خَلِيَّةٍ فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ، وَذَكَرُوا أَنَّ لَفْظَ خَلِيَّةٍ ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا، وَهَذَا مِنْ أَقْرَبِ مَا يُقَاسُ عَلَيْهِ هَذَا اللَّفْظُ.

نَعَمْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ، وَغَيْرُهُ تَقْيِيدَ لُزُومِ الثَّلَاثِ بِمَا إذَا جَرَى عُرْفٌ بِأَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ فِيهَا، وَالْعُرْفُ فِي خَلَاصِ الْمَرْأَةِ طَلَاقُهَا مُطْلَقًا غَيْرَ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فَلَمْ تَخْلُصْ مِنْهُ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ كَلَفْظِ الْخُلْعِ، وَتَحِلُّ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ أَرْدَفَ عَلَيْهِ طَلَاقًا لَزِمَهُ احْتِيَاطًا فِي الْفُرُوجِ، وَتَشْدِيدًا عَلَيْهِ حَيْثُ أَتَى بِمَا فِيهِ تَلْبِيسٌ، وَلَيْسَ هَذَا غَرِيبًا بَلْ هُوَ نَظِيرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ مِنْ الْأَخْذِ بِالْأَحْوَطِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ قَوْلُهُ أَوْ خَلِيَّةٌ اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ خَالِصَةٌ كُنَّا نَسْتَظْهِرُ أَنَّهُ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ، وَإِنَّمَا تَخْلُصُ عَنْ حُكْمِهَا بِالْبَيْنُونَةِ، وَإِنْ كَانَ النَّاسُ يَسْتَعْمِلُونَ الْخَلَاصَ فِي مُطْلَقِ الطَّلَاقِ لَكِنَّ مَا اسْتَظْهَرْنَاهُ أَحْوَطُ اهـ.

[يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ وَيَنْوِي بِهِ الثَّلَاثَ]

قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ، وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ، وَيَنْوِي بِهِ الثَّلَاثَ فَقِيلَ: إنَّمَا يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: إذَا نَوَى الثَّلَاثَ لَزِمَتْ الثَّلَاثُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ هَلْ يَلْزَمُ بِالنِّيَّةِ أَوْ لَا قَالَ: ابْنُ رُشْدٍ فِي مُقَدِّمَاتِهِ، وَاخْتُلِفَ بِمَاذَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ.

أَحَدُهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ دُونَ الْقَوْلِ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ.

وَالثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ دُونَ النِّيَّةِ.

، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْقَوْلِ، وَالنِّيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>