للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَفْعَالُ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْأَقْوَالُ فَيُقْتَلُ بِمَنْ قَتَلَ، وَيُحَدُّ فِي الزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ، وَلَا يُحَدُّ فِي الْقَذْفِ، وَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ، وَلَا عِتْقٌ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالرَّابِعُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ، وَالْعِتْقُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْحُدُودُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَاتُ، وَالْعُقُودُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ، وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتَعَلَّقُ لِلَّهِ بِهِ حَقٌّ مِنْ الْإِقْرَارَاتِ، وَالْعُقُودِ إذَا لَمْ تَلْزَمْ الصَّبِيَّ، وَالسَّفِيهَ لِنُقْصَانِ عُقُولِهِمَا فَأَحْرَى أَنْ لَا يَلْزَمَ ذَلِكَ السَّكْرَانُ لِنُقْصَانِ عَقْلِهِ بِالسُّكْرِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ لِلَّهِ حَقٌّ يَلْزَمُهُ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالسُّكْرِ قِيَاسًا عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْعِبَادَاتِ الَّتِي مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ، وَأَشْبَاهِهِمَا تَلْزَمُهُ، وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِالسُّكْرِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي نِكَاحِ السَّكْرَانِ، وَلَا أَرَاهُ جَائِزًا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ قَالَ: وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَتْ الْبَيِّنَةُ: إنَّهَا رَأَتْ مِنْهُ اخْتِلَاطًا، وَلَمْ تَثْبُتْ الشَّهَادَةُ بِسُكْرِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَحْلِفُ، وَلَا يَلْزَمُهُ نِكَاحٌ، وَلَا غَيْرُهُ، وَمِثْلُهُ الْمَرِيضُ يُطَلِّقُ، ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْقِلُ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ.

وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْيَمِينِ، وَيَلْزَمُهُ النِّكَاحُ، وَغَيْرُهُ، وَهُوَ دَلِيلُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ سَلْمُونٍ.

[طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا مُخْتَلَفًا فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي نَازِلَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا مُخْتَلَفًا فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ أَوْ غَيْرِهِ بِالْبَيْنُونَةِ، وَالرَّجْعَةِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ فَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ نَظَرًا لِلْمُخَالِفِ كَمَنْ طَلَّقَ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَيَكُونُ مَحَلُّ قَوْلِهِمْ الْبَائِنُ لَا يُرْتَدَفُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ إذَا كَانَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ يَلْحَقُ بِهِ نَظَرًا لِلْمَخَالِفِ وَاسْتِحْسَانًا، وَاحْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ إذَا كَانَ الْإِرْدَافُ فِي الْعِدَّةِ، وَقَوْلُهُمْ الْبَائِنُ لَا يُرْتَدَفُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ نَسَقًا مَخْصُوصًا بِالْمُتَّفَقِ فِيهِ عَلَى الْبَيْنُونَةِ فَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ مَا نَصُّهُ: وَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْ قَوْلِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَاحِدَةً تَمْلُكِينَ بِهَا أَمْرَ نَفْسِك دُونِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ.

فَقِيلَ: إنَّهُ يَكُونُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً كَمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَمُطَرِّفٍ.

، وَالثَّانِي أَنَّهَا تَكُونُ أَلْبَتَّةَ كَمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً فَإِنَّهَا ثَلَاثٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ.

وَالثَّالِثُ أَنَّهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ قَالَ: ابْنُ الْقَاسِمِ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ، وَبِهِ الْقَضَاءُ، وَكَانَ ابْنُ عَتَّابٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتِي بِأَنَّ مَنْ بَارَأَ زَوْجَهُ هَذِهِ الْمُبَارَأَةَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ أَنَّ الطَّلَاقَ يُرْتَدَفُ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، وَمُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَرَاهُ رَجْعِيَّةً انْتَهَى.

، وَتَقَدَّمَ فِي جَوَابِ خَالِصَةٍ عَنْ خَاتِمَةِ الْمُحَقِّقِينَ الْأَمِيرِ مَا نَصُّهُ: فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ كَلَفْظِ الْخُلْعِ، وَتَحِلُّ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ أَرْدَفَ عَلَيْهِ طَلَاقًا لَزِمَهُ احْتِيَاطًا فِي الْفُرُوجِ، وَتَشْدِيدًا عَلَيْهِ حَيْثُ أَتَى بِمَا فِيهِ تَلْبِيسٌ، وَلَيْسَ هَذَا غَرِيبًا بَلْ هُوَ نَظِيرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ بِالْأَحْوَطِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

وَقَالَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ فِي مَسَائِلِهِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهَا مِثْلَ قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ أَبَدًا فَقَدْ يُسْتَدَلُّ مِنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ثَلَاثٍ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ مِنْهَا عَلَى أَنَّهَا وَاحِدَةٌ.

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ الْتَزَمَ لِزَوْجَتِهِ فِي صَدَاقِهَا أَنَّ زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ الَّتِي طَلَّقَهَا لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا لَا قَبْلَ زَوْجٍ، وَلَا بَعْدَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَطَلَّقَ هَذِهِ ثُمَّ أَرَادَ مُرَاجَعَةَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا فَقَالَ: يُسْتَفَادُ مِنْ شُهُودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>