للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُبَيَّنَةِ فِي مَحَلِّهَا؛ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمُتَوَالِيَةَ أَوْ الْمُتَقَارِبَةَ كَلَفْظٍ وَاحِدٍ فِي بَابِ الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ مَنْ أَتْبَعَ الْخُلْعَ بِطَلَاقٍ لَزِمَهُ إنْ كَانَ نَسَقًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ قَالَ: عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ قَالَ: بِالْحَرَامِ دُونَ لَفْظِ عَلَيَّ مَا أَفْعَلُ هَذَا الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ أَوْ لَا أَدْخُلُ هَذَا الْمَحَلَّ، وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَمَا الْحُكْمُ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، لَزِمَهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إنْ جَرَى الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ أَوْ لَمْ يَجْرِ بِشَيْءٍ فَإِنْ جَرَى بِاسْتِعْمَالِهَا فِي الْبَائِنِ لَزِمَهُ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي نَوَازِلِهِ إذَا قَالَ: الْحَرَامُ يَلْزَمُهُ لَأَفْعَلُ كَذَا، وَفَعَلَهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا قَالَ: الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي، وَعَادَةُ الْبَلَدِ أَنَّهَا عِنْدَهُمْ ثَلَاثٌ فَهِيَ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةً فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الْقَائِلِ مَخْرَجَ الْيَمِينِ فَهِيَ لَازِمَةٌ اهـ

وَهَذَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَغَيْرِهَا كَذَلِكَ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً لَزِمَتْهُ فَقَطْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا كُلَّمَا يُحِلُّك شَيْخٌ يُحَرِّمُك أَلْفُ شَيْخٍ، وَكُلَّمَا تَحِلِّي تَحْرُمِي فِي جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ وَضِّحُوا لَنَا.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا كُلَّمَا يُحِلُّك شَيْخٌ يُحَرِّمُك شَيْخٌ أَوْ كُلَّمَا تَحِلِّي تَحْرُمِي بَعْدَ إيقَاعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِنَفْيِ الرَّجْعَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ كُلَّمَا تَحِلِّي بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْك، وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ تَحْرُمِي بِالطَّلَاقِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ اهـ

وَأَصْلُ هَذَا الْجَوَابِ فِي الْخَطَّابِ، وَنَصُّهُ سُئِلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ سَرَّاحٍ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ إيقَاعِهِ الطَّلَاقَ: مَتَى حَلَّتْ حُرِّمَتْ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَفَارَقَهَا زَوْجُهَا الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ يُرِيدُ رُجُوعَهَا هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَابَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا قَالَهُ ابْنُ سَرَّاجٍ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُفَصَّلُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: مَتَى حَلَّتْ حُرِّمَتْ أَنَّهَا إذَا حَلَّتْ لَهُ بَعْدَ زَوَاجِهَا زَوْجًا غَيْرَهُ فَهِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّ تَزْوِيجَهَا لَا يُحِلُّهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا قَالَ الْمُفْتِي، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا إذَا حَلَّتْ بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَهِيَ حَرَامٌ فَيَلْزَمُهُ التَّحْرِيمُ فِيهَا، وَيُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ إنْ، وَكُلَّمَا، وَمَتَى، وَيَأْتِي الْكَلَامُ الَّذِي فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ اللَّفْظِ إنَّمَا هُوَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ الْحَالِفَ لَمَّا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ حُرْمَةُ نِكَاحِهَا تَرْتَفِعُ بِزَوَاجِهَا أَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ ذَلِكَ، وَأَنَّهَا إذَا حَلَّ زَوَاجُهَا لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ تَصِيرُ عَلَيْهِ حَرَامًا كَمَا كَانَتْ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَرَّمَ تَزْوِيجَ امْرَأَةٍ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سَهْلٍ مَسْأَلَةً تُشْبِهَ هَذِهِ أَوْ هِيَ أَقْوَى مِنْ هَذِهِ قَالَ: وَكُتِبَ إلَيَّ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ كُنْت لِي زَوْجَةً قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ بَعْدَهُ هَلْ تَحْرُمُ لِلْأَبَدِ، وَكَيْفَ إنْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَكَتَبَ ابْنُ عَتَّابٍ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَبَدَ، وَلَهُ نِكَاحُهَا بَعْدَ زَوْجٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَوْ بَعْدَ زَوْجٍ إنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَإِنْ أَرَادَ هَذَا، وَعَقَدَ عَلَيْهِ حَلِفَهُ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ، وَقَالَ: ابْنُ الْقَطَّانِ مَتَى طَلُقَتْ عَلَيْهِ بِالْبَتَّةِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ إنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ، وَلَهُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ: ابْنُ مَالِكٍ إذَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>