للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِذَلِكَ مُدَّةٌ ثُمَّ قَامَ صَاحِبُ الْقَمْحِ يَطْلُبُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ شَيْئًا فَحَسَبَ ذَلِكَ الْقَمْحَ كُلَّهُ بِدَرَاهِمَ، وَأَعْطَاهُ فِي نَظِيرِهَا تِلْكَ الْأَرْضَ بَيْعًا وَشِرَاءً فَهَلْ هَذَا الْبَيْعُ صَحِيحٌ مَاضٍ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

(فَأَجَابَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ) الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُمَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ الْمَدِينَ، وَهُوَ رَبُّ الْأَرْضِ بَاعَهَا، وَأَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهَا لِرَبِّ الدَّيْنِ الْمُرْتَهِنِ لَهَا فِي نَظِيرِ مَا عَلَيْهِ لَهُ مِنْ الدَّيْنِ، وَمَكَّنَهُ مِنْهَا عَقِبَ الْإِسْقَاطِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ، وَكَانَ إذْ ذَاكَ بَالِغًا عَاقِلًا رَشِيدًا كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ، وَالْإِسْقَاطُ صَحِيحًا لَازِمًا، وَكَانَ الْحَقُّ فِيهَا حِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي الْمُسْقِطِ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَيُقْضَى لَهُ بِهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَسْقَطَ لِآخَرَ حَقَّهُ مِنْ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، وَتَصَرَّفَ الْآخَرُ فِيهَا بِالزِّرَاعَةِ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ ثُمَّ تَعَرَّضَ لَهُ آخَرُ مُدَّعِيًا أَنَّهُ شَرِيكٌ فِيهَا لِلْمُسْقِطِ، وَلَكِنَّهُ أَبْدَلَهَا مِنْهُ بِأَرْضٍ لَهُ فِي جِهَةٍ أُخْرَى عَلَى غَيْرِ التَّأْبِيدِ فَهَلْ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِطُولِ الْمُدَّةِ مَعَ حُضُورِهِ وَعِلْمِهِ بِتَصَرُّفِ الْمُسْقِطِ لَهُ فِيهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْقَطِ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْإِسْقَاطِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

(فَأَجَابَ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الدُّسُوقِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ) الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ أَسْقَطَ الرَّجُلُ حَقَّهُ فِي الطِّينِ الْمَذْكُورِ لِآخَرَ بِدَرَاهِمَ كَانَ الْإِسْقَاطُ صَحِيحًا، وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ الطِّينِ صَارَ لِلْمُسْقَطِ لَهُ، وَلَا حَقَّ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ شَرِيكٌ لِلْمُسْقِطِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْإِسْقَاطِ الْمَذْكُورِ، وَتَصَرُّفِ الْمُسْقَطِ لَهُ فِيهَا الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ فَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ مَنْعُ ذَلِكَ الْمُدَّعِي قَهْرًا عَنْهُ، وَتَمْكِينُ الْمُسْقَطِ لَهُ مِنْ الطِّينِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَوَافَقَهُ عَبْدُ الْبَاسِطِ الشَّافِعِيُّ.

(وَسُئِلَ أَبُو الْبَرَكَاتِ الدَّرْدِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ رَجُلٍ بِيَدِهِ أَرْضٌ وَرِزْقَةٌ بَعْضُهَا عَلَى خِدْمَةِ مَسْجِدٍ، وَبَعْضُهَا عَلَى الْبِرِّ وَالصَّدَقَةِ فَأَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهَا لِآخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، وَشَرَطَ خِدْمَةَ الْمَسْجِدِ عَلَى الْمُسْقَطِ لَهُ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ، وَيُمْنَعُ الْمُسْقِطُ وَوَارِثُهُ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْمُسْقَطِ لَهُ، وَإِذَا أَبْدَلَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ قِطْعَةَ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ بِقَدْرِهَا، وَشَرَطَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ دَفْعَ خَرَاجِ أَرْضِهِ الَّتِي كَانَتْ بِيَدِهِ قَبْلَ الْمُبَادَلَةِ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

(فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ) الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ يُمْنَعُ الْمُسْقِطُ وَوَرَثَتُهُ مِنْ التَّعَرُّضِ لِمَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الرِّزْقَةِ بِالْإِسْقَاطِ، وَعَلَيْهِ خِدْمَةُ الْمَسْجِدِ وَالْمُبَادَلَةُ فِي الْأَرْضِ جَائِزَةٌ، وَمَا كَانَ مُرَتَّبًا عَلَى الْأَرْضِ عِنْدَ الْمُبَادَلَةِ فَهُوَ لَازِمٌ لِمَنْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِهِ سَابِقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ شَيْخُنَا سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الْأَمِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ رَجُلٍ مُقَرَّرٍ فِي ثَلَاثَةِ أَفْدِنَةٍ وَنِصْفٍ مِنْ رِزْقَةٍ مُرْصَدَةٍ عَلَى عَمَلٍ فِي مَسْجِدٍ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيهَا بِعِوَضٍ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعَمَلِ، وَقَرَّرَهُ الْحَاكِمُ الشَّرْعِيُّ فِي ذَلِكَ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا مُدَّةً قَائِمًا بِالْعَمَلِ ثُمَّ أَرَادَ أَوْلَادُ الْمُسْقِطِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَخْذَهَا مِنْهُ فَهَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ، وَالْحَقُّ فِيهَا لَهُ دُونَهُمْ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ أَنَّ الرِّزْقَةَ الْمَذْكُورَةَ مُرْصَدَةٌ عَلَى جَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ أَوْ جِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا، وَلَمْ تَكُنْ ذُرِّيَّةُ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمُسْقِطِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَثَبَتَ أَنَّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْأَمْرِ قَرَّرَ الرَّجُلَ الْمُسْقَطَ لَهُ فِي الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ لِيَقُومَ بِالْوَظَائِفِ وَالْعَمَلِ، وَكَانَ قَائِمًا بِذَلِكَ فَيَكُونَ لَهُ الْحَقُّ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَلَا حَقَّ لِوَرَثَةِ الْمُسْقِطِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ سَبَقَتْ لَنَا كِتَابَةٌ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ عَلَى سُؤَالٍ فِيهَا مُخَالِفٍ لِمَوْضُوعِ هَذَا السُّؤَالِ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ، فَعَلَى مَنْ رُفِعَتْ لَهُ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ تَحْرِيرُهَا بِتَحْقِيقِ شُرُوطِ الْوَاقِفِ، وَالْحُكْمُ فِيهَا بِمَا أَفَدْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ هَذَا السُّؤَالُ مُوَافِقًا لِلْوَاقِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>