للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ الْبَيْعَ مُدَّعِينَ أَنَّهُ سَفِيهٌ مُتَمَسِّكِينَ بِمَا فِي الْمِعْيَارِ مِنْ جَرَيَانِ الْعَمَلِ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِرَدِّ تَصَرُّفَاتِ السَّفِيهِ فَهَلْ يُمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْهُ عَمَلًا بِقَوْلِ مَالِكٍ وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ بِمُضِيِّ تَصَرُّفَاتِهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ اتَّفَقَ جَمِيعُهُمْ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ جَائِزَةٌ لَا يُرَدُّ مِنْهَا شَيْءٌ إذَا جُهِلَ حَالُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ بِرُشْدٍ وَلَا سَفَهٍ وَالْمَسْئُولُ عَنْهُ كَذَلِكَ لَمْ يُعْلَمْ بِرُشْدٍ وَلَا سَفَهٍ؛ لِأَنَّهُ يُنْفِقُ لَيْسَ إلَّا، أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ اعْلَمْ أَنَّ الرُّشْدَ عِنْدَنَا مُجَرَّدُ حِفْظِ الْمَالِ وَعَدَمِ صَرْفِهِ فِي الشَّهَوَاتِ لَا التَّكَسُّبُ وَالِاشْتِغَالُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِمَا وَالسَّفَهُ ضِدُّهُ فَهُوَ عَدَمُ حِفْظِ الْمَالِ وَصَرْفِهِ فِي الشَّهَوَاتِ وَلَوْ مُبَاحَةً لَا تَرْكَ التَّكَسُّبِ وَعَدَمِ الِاشْتِغَالِ بِجَمْعِ الدُّنْيَا فَهَذَا الشَّخْصُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ مَعْلُومٌ بِالرُّشْدِ؛ لِأَنَّهُ حَافِظٌ لِمَالِهِ وَمُنْفِقٌ بِالْمَعْرُوفِ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَتَكَسَّبْ وَلَمْ يَجْمَعْ الْمَالَ لَا سَفِيهٌ حَتَّى يَكُونَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَا مَجْهُولٌ حَالُهُ وَطَرِيقَتُهُ هِيَ طَرِيقَةُ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَصُلَحَاءِ الْخَلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَمَنْ تَوَهَّمَ فِيهِمْ السَّفَهَ فَهُوَ السَّفِيهُ الْخَاسِرُ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ مِنْ زَمَانٍ يَظُنُّ أَهْلُهُ لِفَرْطِ جَهْلِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ الدُّنْيَا الدَّنِيئَةِ الْفَانِيَةِ الَّتِي لَا تَزْنِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى جَنَاحَ بَعُوضَةٍ أَنَّ الرُّشْدَ عُبُودِيَّةُ الدُّنْيَا وَالسَّعْيُ فِي الزِّيَادَةِ مِنْهَا الْمَذْمُومُ شَرْعًا وَأَنَّ السَّفَهَ ضِدُّ ذَلِكَ الْمَحْمُودِ شَرْعًا فَأَفْعَالُهُ مَاضِيَةٌ اتِّفَاقًا وَلَا يُمَكَّنُ مَنْ أَرَادَ رَدَّ شَيْءٍ مِنْهَا مِنْهُ وَلَوْ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ لَكَانَ مَاضِيَ الْأَفْعَالِ اتِّفَاقًا أَيْضًا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي صَغِيرٍ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ بَلَغَ وَسَكَتَ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّ الْبَيْعِ مُحْتَجًّا بِالصِّغَرِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا إنْ سَكَتَ بَعْدَ رُشْدِهِ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ.

وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ قَامَ بِمُجَرَّدِ رُشْدِهِ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَجَدْت لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَا بَاعَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، أَوْ اشْتَرَى إنْ رَشَدَ يَمْضِي انْتَهَى.

وَفِي النَّوَادِرِ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا لَمْ يَتْرُكْ بَعْدَ أَنْ يَلِيَ أَمْرَ نَفْسِهِ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ رِضًا انْتَهَى اُنْظُرْ مَسَائِلَ النِّكَاحِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي إخْوَةٍ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ بَالِغِينَ وَقَاصِرِينَ احْتَاجُوا لِبَيْعِ قِطْعَةِ أَرْضٍ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِمْ فَبَاعَهُمْ الْبَالِغُونَ مُنِيبِينَ عَنْ الْقَاصِرِينَ أَحَدُهُمْ عَلَى أَنْ يَصْرِفَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَ نَصِيبِهِمْ فَبَلَغَ الْقَاصِرُونَ وَأَرَادُوا رَدَّ بَيْعِ حِصَّتِهِمْ مُقِيمِينَ عَلَى النَّائِبِ عَنْهُمْ بَيِّنَةً بِعَدَمِ الصَّرْفِ عَلَيْهِمْ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَأَخْذُ نَصِيبِ الْبَالِغِينَ بِالشُّفْعَةِ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُجَابُونَ لِذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ النَّائِبُ عَنْهُمْ وَصِيًّا عَلَيْهِ مِنْ أَبِيهِمْ بِنَصٍّ وَلَا بِعَادَةٍ فَإِنْ كَانَ وَصِيًّا عَلَيْهِمْ بِنَصٍّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ بِعَادَةٍ بِأَنْ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِهِمْ بِتَرْكِ الْإِيصَاءِ عَلَى الصِّغَارِ اتِّكَالًا عَلَى تَصَرُّفِ أَخٍ رَشِيدٍ لَهُمْ، أَوْ جَدٍّ، أَوْ عَمٍّ كَذَلِكَ أَوْ نَحْوِهِمْ فَلَا يُجَابُونَ لِذَلِكَ كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَشُرُوحِهِ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ لَهُ أَوْلَادٌ مُؤْنَتُهُمْ مِنْ مَالِهِ وَكُلٌّ بِمَحَلٍّ فَتَكَسَّبَ بَعْضُهُمْ وَحَصَّلَ لِنَفْسِهِ طِينًا

<<  <  ج: ص:  >  >>