للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

[قِسْمَة الْعَقَارِ الْمُحْبَسِ مِنْ نَخِيلٍ وَشَجَرٍ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي قِسْمَةِ الْعَقَارِ الْمُحْبَسِ مِنْ نَخِيلٍ وَشَجَرٍ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ بِحَيْثُ يَضَعُ بَعْضُ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ يَدَهُ عَلَى بَعْضِهِ يُعَالِجُهُ بِالسَّقْيِ وَالتَّأْبِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَيَسْتَقِلُّ بِغَلَّتِهِ وَيَضَعُ بَعْضٌ آخَرُ يَدَهُ عَلَى بَعْضٍ آخَرَ مِنْهُ كَذَلِكَ صِيَانَةً لِثَمَرَتِهِ مِنْ الضَّيَاعِ وَلِلْأُصُولِ مِنْ التَّعْطِيلِ بِاتِّكَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَهَلْ تَسُوغُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ جَرَى بِهَا الْعَمَلُ عِنْدَنَا، وَفِي بَعْضِ نَوَاحِينَا يَقْتَسِمُونَهُ بَتًّا وَيَقُولُونَ: إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ فَهَلْ لَهُمْ مُسْتَنَدٌ فِي الْمَذْهَبِ وَلَوْ شَاذًّا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تَسُوغُ قِسْمَتُهُ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ وَانْتِفَاعٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَأَفْتَى بِهِ الْأُجْهُورِيُّ مِرَارًا وَحِينَئِذٍ فَيُتْرَكُ أَهْلُ تِلْكَ الْبِلَادِ عَلَى عَادَتِهِمْ، وَلَا يُشَوَّشُ عَلَيْهِمْ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ، وَإِنْ أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا قِسْمَتُهُ بَتًّا بِحَيْثُ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ، وَلَا يُنْقَضُ الْقَسْمُ بِاخْتِلَافِ عَدَدِهِمْ أَوْ الْحَبْسُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَلَا تَجُوزُ اتِّفَاقًا، وَلَمْ أَعْلَمْ لِعَمَلِ بَعْضِ نَوَاحِيكُمْ فِيهَا مُسْتَنَدًا فِي الْمَذْهَبِ لَا مَشْهُورًا، وَلَا شَاذًّا وَنَصَّ الْأُجْهُورِيُّ فِي بَعْضِ أَجْوِبَتِهِ الْقِسْمَةُ فِي مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ وَفِي الْغَلَّةِ صَحِيحَةٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مُخَالَفَةٌ لِمَا اعْتَبَرَهُ الْوَاقِفُ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي جَوَابٍ آخَرَ قَسْمُ الشَّيْءِ الْمُحْبَسِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَمْلِكُ مَا خَرَجَ لَهُ بِالْقَسْمِ أَوْ يَبْقَى عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الْحَبْسِ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ امْتَنَعَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ مَا دَامَ لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُ الْحَبْسِ فَإِنْ تَغَيَّرَ جَرَى فِيهِ التَّغْيِيرُ فَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْجَوَازَ ا. هـ. وَقَالَ فِي جَوَابٍ آخَرَ لَا يَجُوزُ قَسْمُ الْحَبْسِ، وَلَا بَعْضِهِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَخْتَصُّ بِمَا صَارَ لَهُ وَيَفْعَلُ فِيهِ مَا شَاءَ كَمَا يَفْعَلُ الْمَالِكُ فِيمَا يَمْلِكُهُ، وَأَمَّا قَسْمُهُ مُهَايَأَةً عَلَى أَنَّهُ يَأْخُذُ بَعْضُ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ مَوْضِعًا وَالْآخَرُ مَوْضِعًا لِيَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا أَخَذَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالتَّرَاضِي عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِذَا وَقَعَ الْقَسْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ انْتَهَى.

[حَائِط مُحْبَسٍ عَلَى رَجُلَيْنِ أَرَادَا اقْتِسَامَهُ لِلِاغْتِلَالِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا]

وَفِي الْبُرْزُلِيِّ سُئِلَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ عَنْ حَائِطٍ مُحْبَسٍ عَلَى رَجُلَيْنِ أَرَادَا اقْتِسَامَهُ لِلِاغْتِلَالِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ لَا يَجُوزُ قَسْمُ الْحَبْسِ لِلِاغْتِلَالِ، وَلَا غَيْرِهِ انْتَهَى قَالَ الْبُرْزُلِيُّ عَقِبَهُ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ قَسَمَهُ لِلِاغْتِلَالِ وَمَا أَجَازَهُ مَالِكٌ مِنْ قِسْمَةِ الْغَنَمِ لِلَّبَنِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُكَارَمَةِ بِحَيْثُ لَوْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَجْرِيَ هُنَا أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ لَنَا شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَتَّابٍ فِي قِسْمَةِ الْحَبْسِ اخْتِلَافٌ مَوْجُودٌ فِي مَسَائِلِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْهَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَنْ حَبَسَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ فَلَمْ يُجِزْ الْكِبَارُ حَتَّى مَاتَ أَوْ فَلَّسَ بَطَلَ، وَلَا يَجُوزُ مِنْهُ شَيْءٌ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَا الْهِبَةُ، وَرَوَى عَلِيٌّ أَنَّ الصَّدَقَةَ يَجُوزُ مِنْهَا حَظُّ الصِّغَارِ؛ لِأَنَّهَا تُقَسَّمُ وَيَبْطُلُ الْحَبْسُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ: يُقَسَّمُ الْحَبْسُ عَلَى عَدَدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ انْقَرَضَ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ قُسِّمَ نَصِيبُهُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ طُولٌ وَلِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِيهَا كُتُبٌ وَفِي الْمُقَرَّبِ فِيهَا بَيَانٌ وَذَكَرْتهَا لِأَجْلِ الْقِسْمَةِ فِي الْحَبْسِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ.

وَفِي الْمُنْتَخَبِ اخْتَلَفَ ابْنُ أَيْمَنَ وَابْنُ الْأَعْبَسِ فِي قِسْمَةِ الْحَبْسِ فَقَالَ الْأَوَّلُ: يُقَسَّمُ وَيَكْتُبُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>