للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجَعَ عَنْهَا

ثُمَّ قَالَ وَسُئِلَ الْفَقِيهُ الصَّيْدَلَانِيُّ عَنْ أَقْوَامٍ بَاعُوا حَبْسًا مُؤَبَّدًا وَفَرَّقُوا أَثْمَانَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَرُبَّمَا بَاعُوهُ بِمَا يُسَاوِي الثَّمَنَ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَزَعَمُوا أَنَّ الْفَقِيهَ ابْنَ مَحْسُودٍ أَبَاحَهُ لَهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِهِ وَاَلَّذِي كُنَّا نَعْرِفُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَفُتْيَاهُ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِ أَمْوَالِ الْمَسَاكِينِ حَبْسًا كَانَ أَوْ صَدَقَةً فَهَلْ يَنْفُذُ بَيْعُهُمْ لِذَلِكَ أَمْ يُنْقَضُ؟ وَكَيْفَ يُفْعَلُ بِالثَّمَنِ الَّذِي فُرِّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ؟

فَأَجَابَ لَا تُبَاعُ الْأَحْبَاسُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَانَتْ لِجَمْعٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ وَقُلْتُمْ إنَّ الشَّيْخَ ابْنَ مَحْسُودٍ كَانَ أَفْتَاهُمْ بِذَلِكَ فَمَا عَلِمْت ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا أَنَّ أَبَا يَحْيَى ذَكَرَ لَهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ كِتَابِهِمْ هَذَا أَنَّهُ كَانَ أَفْتَى بِمَا ذُكِرَ، ثُمَّ إنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ إلَى إبْطَالِ بَيْعِ الْحَبْسِ الْمُؤَبَّدِ فَإِنْ بِيعَ شَيْءٌ مِنْهُ نُقِضَ الْبَيْعُ وَيَقْضِي الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِمَّا وَجَبَ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَمِنْ غَلَّةِ هَذَا الْحَبْسِ، وَلَا يُبَاعُ الْحَبْسُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ حَبْسٌ فَيَكُونُ حَبْسًا نُقِلَ إلَّا حَبْسٌ، وَإِنْ بِيعَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ.

وَوَقَعَ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ لَا يَنْتَصِفُ أُخِذَ الثَّمَنُ فَجُعِلَ فِي حَبْسِ مِثْلِهِ، وَلَا يُؤْكَلُ الثَّمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَاحْذَرْ خِلَافَ ذَلِكَ، وَلَا تُرَخِّصْ فِي بَيْعِهِ انْتَهَى. وَأَصْلُ مَا أَفْتَى بِهِ الْفَقِيهُ الصَّيْدَلَانِيُّ مِنْ نَقْضِ الْبَيْعِ إنْ وَقَعَ هُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ آخِرَ الرُّكْنِ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الْقَضَاءِ وَنَصُّهُ.

وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ مُطَرِّفٌ فِي مَنْزِلٍ حُبِسَ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَرُفِعَ إلَى قَاضٍ فَجَهِلَ وَبَاعَهُ وَفَرَّقَ ثَمَنَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى غَيْرِهِ بَعْدَهُ فَرَأَى أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ الْمَنْزِلَ حَبْسًا كَمَا كَانَ، وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْ غَلَّةِ الْحَبْسِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّ خَطَأَ السُّلْطَانِ فِي الْأَمْوَالِ عَلَى الِاجْتِهَادِ هَدَرٌ اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ حُبِسَتْ عَلَيْهِ أَرْضٌ فَغَرَسَ بَعْضَهَا وَأَشْهَدَ عَلَى قَصْدِهِ مِلْكَ الْغَرْسِ، ثُمَّ جَعَلَهُ عِوَضًا فِي بَاقِي الْأَرْضِ فِي التَّحْبِيسِ، ثُمَّ بَاعَ الْبَاقِيَ فَهَلْ تُنْقَضُ مُعَاوَضَتُهُ وَبَيْعُهُ.

فَأَجَبْت: بِأَنَّهُمَا يُنْقَضَانِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي مُحْبَسٍ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُجَاوِرَةٌ لِدُورِ سُكْنَاهُ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ دُورًا أُخْرَى يَتَّسِعُ بِهَا فِي السُّكْنَى وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا عَلَى عَدَمِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ تَمْيِيزِهَا عَنْ مِلْكِهِ وَكِتَابَةِ وَثِيقَةٍ بِذَلِكَ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الْحَبْسِ الثَّابِتِ بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي وَلَهُ وَثِيقَةٌ نَاقِصَةٌ بَعْضُ الشُّرُوطِ بِحَيْثُ يُوجِبُ النَّقْصُ بُطْلَانَ الْحَبْسِ فَهَلْ يُعْتَمَدُ عَلَى السَّمَاعِ وَيُصْرَفُ النَّظَرُ عَنْ الْوَثِيقَةِ أَوْ يُعْمَلُ بِمُقْتَضَى الْوَثِيقَةِ وَيُلْغَى السَّمَاعُ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يُعْتَمَدُ عَلَى السَّمَاعِ وَيُصْرَفُ النَّظَرُ عَنْ الْوَثِيقَةِ لِنَصِّ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ مِمَّا أُثْبِتَ بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

[بَيِّنَة السَّمَاعِ بِالْحَبْسِ هَلْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا لِحُدُودِهِ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي بَيِّنَةِ السَّمَاعِ بِالْحَبْسِ هَلْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا لِحُدُودِهِ، وَإِذَا أُمِرُوا بِبَيَانِ حُدُودِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>