للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالنَّفَقَةُ إلَخْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ وَانْظُرْ مَسَائِلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَوْدَعَ عِنْدَ آخَرَ وَدِيعَةً ثُمَّ طَلَبَهَا مِنْهُ عِنْدَ حَاكِمٍ فَأَقَرَّ بِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ عَنْهُ لِلدِّيوَانِ جَانِبَ حُبُوبٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَجَرَّحَهَا الْمُودِعُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَشُهْرَةِ السَّرِقَةِ وَالْكَذِبِ وَنَحْوِهِمَا وَادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ الْقَاضِي وَحَلَّفَ الْبَيِّنَةَ الْمَقْدُوحَ فِيهَا وَقَضَى بِهَا فَهَلْ يَنْقُضُ حُكْمَهُ وَيُمَكِّنُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الْقَادِحَةِ فَإِذَا أَقَامَ عَدْلَيْنِ بِتَجْرِيحِهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذِكْرٍ تُرَدُّ شَهَادَتُهَا وَلَا سِيَّمَا وَالْمُودِعُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِلدِّيوَانِ وَيَقْضِي لَهُ بِأَخْذِ وَدِيعَتِهِ الَّتِي ادَّعَاهَا وَأَقَرَّ بِهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟

فَأَجَابَ شَيْخُنَا حَسَنٌ الْأَبْطَحِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْإِعْذَارُ فِي الْبَيِّنَةِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ إذَا لَمْ يُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ إعْذَارٍ نَقَضَ حُكْمَهُ فَحَيْثُمَا ادَّعَى ذَلِكَ الرَّجُلُ أَنَّهُ دَفَعَ لِجِهَةِ الدِّيوَانِ جَانِبًا مِنْ الْحُبُوبِ عَنْ الْمُودِعِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَطَلَبَ الْمُودِعُ تَجْرِيحَهَا بِمُجَرِّحٍ مَقْبُولٍ كَتَرْكِهِمْ الصَّلَاةَ أَوْ شُهْرَتِهِمْ بِالسَّرِقَةِ أَوْ بِالْكَذِبِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ وَيُثْبِتُهُ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ التَّجْرِيحِ، وَحُكْمُ ذَلِكَ الْحَاكِمِ مِنْ غَيْرِ إعْذَارٍ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِ سَمَاعِ لِتَجْرِيحِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَيْهِ مَنْقُوضٌ وَيَجِبُ اسْتِئْنَافُهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْحُكْمُ مُعْتَبَرًا لِعَدَمِ اسْتِيفَائِهِ لِشُرُوطِهِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْأَعْذَارُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَيُجَابُ الْمُودِعُ لِإِثْبَاتِ تَجْرِيحِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بَطَلَتْ شَهَادَتُهَا وَيُجْبَرُ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ عَلَى رَدِّ جَمِيعِ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى رَبِّ الْوَدِيعَةِ شَيْءٌ لِلدِّيوَانِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي دَفْعِهِ عَنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مَا ادَّعَى دَفْعَهُ عَنْهُ وَلَوْ أَثْبَتَهُ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(أَتَتْنِي كِتَابَةٌ مِنْ قَاضِي الْخَنْدَقِ بِجِهَةِ كَرْدِفَانَ) مَضْمُونُهَا السُّؤَالُ عَمَّا وَقَعَ مِنْ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ أَنَّهُ خَتَمَ عَلَى وَثِيقَةٍ مَضْمُونُهَا أَنَّ مُحَمَّدَ أَغَا ابْنَ الْمَلِكِ الْأَمِينِ اشْتَرَى فَرَسًا مِنْ سِرَاج عَوْن بِمُجَرَّدِ إخْبَارِ مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورِ ثُمَّ اعْتَذَرَ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا الْمَذْكُورَ أَكْرَهَهُ عَلَى ذَلِكَ بِالتَّهْدِيدِ بِالضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَنَهْبِ الْمَالِ وَتَخْرِيبِ الدِّيَارِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ وَالطَّرْحِ فِي زِبْلِ الْخَيْلِ وَحَشْوِهِ فِي فِيهِ وَالتَّكْتِيفِ بِالْحِبَالِ وَرَفْعِ السِّلَاحِ لِلْقَتْلِ وَالْجُرْحِ الشَّدِيدِ وَأَنَّهُ لَازَمَ الْفِرَاشَ مِنْ ذَلِكَ سَنَةً وَفِي أَثْنَائِهَا أَرْسَلَ لَهُ الْوَثِيقَةَ وَأَمَرَهُ بِالْخَتْمِ عَلَيْهَا فَفَعَلَ فَاسْتَفْتَى فِيهِ بَعْضَ قُضَاتِهِمْ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَاضِي الْمَذْكُورِ شَيْءٌ يَشِينُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «حُمِلَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَذَلِكَ عَامٌّ لَا يُؤْذِنُ بِالْخُصُوصِ نَعَمْ إذَا كَانَ الْقَاضِي يُعْطَى رُتْبَةَ الْقَضَاءِ الْمُقَرَّرَةِ فِي أُصُولِ الشَّرْعِ وَلَا يُعَيَّنُ عَلَيْهِ مَنْ وُلَاةٍ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ مَقْصُودِهِ بُلُوغَ هَوَاهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ وَسَوَاءٌ كَانَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا هُنَا وَيُتَوَقَّعُ مِنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ وَيَكُونُ جُنْحَةً تُوجِبُ رَفْعَهُ وَتَغَيُّرَهُ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ هَذِهِ الْخُطَّةَ الشَّرْعِيَّةَ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يُعْذَرُ الْقَاضِي بِالْإِكْرَاهِ الْمَذْكُورِ وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ عَزْلُهُ وَتَوْلِيَةُ مَنْ يَصْلُحُ فَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِالْقَتْلِ وَنَحْوِهِ لَا يُبِيحُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>