للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّهُ إنْ فَعَلَ يَغْرَمُ وَنَصُّهُ: تَنْبِيهٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالُوا وَلَوْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِمَا أُمِرَ بِهِ فِي الْمَظْلُومِ وَأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الْعُقُوبَةَ مِنْ الظَّالِمِ إنْ لَمْ يُطِعْهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَهُوَ مِنْ أَعْوَانِ الظَّالِمِ أَوْ غَيْرِ أَعْوَانِهِ لَمْ يُعْذَرْ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ»

فَمَنْ أَمَرَهُ الْوَالِي بِقَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا أَوْ قَطْعِهِ أَوْ جَلْدِهِ أَوْ أَخْذُ مَالَهُ أَوْ بَيْعِ مَتَاعِهِ فَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ عَصَاهُ وَقَعَ بِهِ فِي نَفْسِهِ أَوْ صِهْرِهِ أَوْ مَالِهِ فَإِنْ أَطَاعَهُ فِي ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوْدُ وَالْقَطْعُ وَالْغُرْمُ وَأُغْرِمَ ثَمَنَ مَا بَاعَ لَهُ.

[أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ أَخِيهِ أَوْ أَبِيهِ وَالْقَاتِلُ وَارِثُهُ]

ثُمَّ قَالَ مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ أَخِيهِ أَوْ أَبِيهِ وَالْقَاتِلُ وَارِثُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَلَا يَرْفَعُ عَنْهُ حُكْمَ الْقَوْدِ.

[أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَزْنِيَ وَحَمَلَ السَّيْفَ عَلَى رَأْسِهِ]

(تَنْبِيهٌ) قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالُوا وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَزْنِيَ وَحَمَلَ السَّيْفَ عَلَى رَأْسِهِ أُقِيمَ الْحَدُّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ إثْمُهُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الِاسْتِكْرَاهِ الْمَوْضُوعِ عَنْ صَاحِبِهِ وَإِنَّمَا الْمَوْضُوعُ عَنْ صَاحِبِهِ مَأْثَمُ مَا رَكِبَ بِالِاسْتِكْرَاهِ فِي الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْبَيْعِ وَالْإِفْطَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ كَمَا إذَا عَدَا قَوْمٌ عَلَى رَجُلٍ وَاسْتَكْرَهُوهُ عَنْ الصَّلَاةِ وَقَالُوا إنْ صَلَّيْت مَعَنَا ضَرَبْنَا عُنُقَك وَأَشْبَاهُ هَذَا مِمَّا هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى اهـ. وَجَوَابُ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ مُتَنَاقِضٌ وَآخِرُهُ يُوَافِقُ مَا قُلْنَا، وَالْحَدِيثُ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْبَيْعِ كَمَا عَلِمْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[شُرْب الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ إذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ]

وَنَقَلَ الْحَطَّابُ التَّنْبِيهَ الْأَخِيرَ وَقَالَ عَقِبَهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالصَّحِيحُ جَوَازُ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ إذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ اهـ. وَقَالَ قَبْلَهُ قَالَ فِي آخِرِ مُعِينِ الْحُكَّامِ وَمَنْ هُدِّدَ بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا أَوْ يَقْطَعَ يَدَهُ أَوْ يَأْخُذَ مَالَهُ أَوْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةٍ أَوْ يَبِيعَ مَتَاعَ رَجُلٍ فَلَا يَسَعُهُ ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ عَصَى وَقَعَ ذَلِكَ بِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْقَوْدُ وَغُرْمُ مَا أَتْلَفَ وَيُحَدُّ إنْ زَنَى وَيُضْرَبُ إنْ ضَرَبَ وَيَأْثَمُ وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى قَطْعِ يَدِ رَجُلٍ فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ طَائِعًا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَفْعَلَ فَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ وَلَا عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ وَلَوْ أَذِنَ صَاحِبُ الْيَدِ مُكْرَهًا بِوَعِيدٍ أَثِمَ الْقَاطِعُ وَعَلَيْهِ الْأَدَبُ وَالْحَبْسُ.

ثُمَّ قَالَ مَسْأَلَةٌ: مَنْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ فَأَذِنَ الرَّجُلُ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ الْمُكْرَهُ فَهُوَ آثِمٌ وَلِوَرَثَةِ الْقَتِيلِ الْقِصَاصُ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ إلَّا الْأَدَبُ وَوَقَعَ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ خِلَافُ هَذَا وَأَنَّهُ لَا قَوْدَ فِي النَّفْسِ وَلَا فِي الْأَطْرَافِ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ يَسِيرٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ ضَاعَتْ لَهُ بَقَرَةٌ وَوَجَدَهَا عِنْدَ رَجُلِ فَرَفَعَهُ إلَى نَائِبِ الْقَاضِي وَادَّعَى أَنَّهَا بِنْتُ بَقَرَتِهِ وَضَاعَتْ مِنْهُ مُنْذُ أَرْبَعِ سِنِينَ فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ لَا يَعْرِفُهُ مُنْذُ سِنِينَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ وَحَكَمَ لَهُ النَّائِبُ بِمُقْتَضَى شَهَادَتِهَا وَبَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ أَحْضَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ رَجُلًا وَادَّعَى أَنَّهُ الَّذِي بَاعَ لَهُ الْبَقَرَةَ وَطَلَبَ الرَّجُلُ إعَادَةَ الدَّعْوَى فَمَاذَا يَكُونُ الْعَمَلُ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تُسَمَّى الْبَيِّنَةُ الْمَحْكُومُ بِهَا لِلرَّجُلِ الْبَائِعِ فَإِنْ سَلَّمَ شَهَادَتَهَا أَوْ عَجَزَ عَنْ التَّجْرِيحِ فِيهَا مَضَى الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِغُرْمِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي الْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ وَإِنْ جَرَّحَ فِيهَا وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إقَامَةِ غَيْرِهَا نُقِضَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَحُكِمَ عَلَى الْمُدَّعِي بِرَدِّ الْبَقَرَةِ لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ إذْ هَذِهِ النَّازِلَةُ مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا. كَمَا لَا يَخْفَى

<<  <  ج: ص:  >  >>