للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي حَيَاةِ الرَّاهِنِ وَفِي هَذَا ثَلَاثُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ أَيْ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْ ذَيْنِكَ الشَّخْصَيْنِ. فَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ إنْ بَيَّنَ الْآخَرُ تَارِيخًا يُحْكَمُ بِرَهْنِيَّةٍ الْمَالِ الْمَذْكُورِ لَدَى الْيَدِ. لِأَنَّ قَبْضَ ذِي الْيَدِ دَلِيلٌ عَلَى سَبْقِ عَقْدِهِ وَالْأَسْبَقُ عَقْدًا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ الْآخَرُ وُقُوعَ عَقْدِهِ وَقَبْضِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْأَوَّلُ الرَّهْنَ.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ ذَيْنِكَ الشَّخْصَيْنِ مَعًا. يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الِاثْنَانِ وَضَعَا الْيَدَ عَلَيْهِ.

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ فَقَطْ.

وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ إذَا بَيَّنَ الِاثْنَانِ تَارِيخًا وَكَانَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا سَابِقًا يُحْكَمُ لَهُ. لِأَنَّ مَنْ كَانَ تَارِيخُهُ سَابِقًا أَثْبَتَ يَدَهُ وَثَبَتَ حَقُّهُ فِي زَمَنٍ لَمْ تَكُنْ لِلْآخَرِ مُنَازَعَةٌ فِيهِ.

وَإِذَا بَيَّنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ تَارِيخًا يُحْكَمُ لَهُ. لِأَنَّهُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ لِكَوْنِ ثُبُوتِ عَقْدِ الرَّهْنِ بِحَقِّ الَّذِي بَيَّنَ تَارِيخًا فِي التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ وَبِحَقِّ الْآخَرِ فِي الْحَالِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ أَحَدٌ مِنْهُمَا تَارِيخًا أَوْ إذَا بَيَّنَ الِاثْنَانِ تَارِيخًا وَاحِدًا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ الْوَاقِعَةُ لِأَنَّهَا بَاطِلَةٌ. حَيْثُ إنَّهُ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ مِلْكٌ وَاحِدٌ مَرْهُونًا عِنْدَ شَخْصَيْنِ وَلَا مَسَاغَ فِي رَهْنِهِ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا أَيْضًا لِأَنَّهُ يَحْصُلُ شُيُوعٌ. وَرَهْنُ الْمَشَاعِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فَإِنَّمَا يَهْلِكُ أَمَانَةً لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلرَّهْنِ الْبَاطِلِ (أَبُو السُّعُودِ) .

الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدَّعْوَى بَعْدَ وَفَاةِ الرَّاهِنِ وَفِيهَا أَيْضًا ثَلَاثُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يُبَيِّنَ الِاثْنَانِ تَارِيخًا لِلِارْتِهَانِ وَالْقَبْضِ وَأَنْ يَكُونَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا سَابِقًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَحْكُمُ لِمَنْ كَانَ تَارِيخُهُ مُقَدَّمًا.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُبَيِّنَ الِاثْنَانِ تَارِيخًا وَاحِدًا أَيْ مُسَاوِيًا.

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا يُبَيِّنَ أَحَدٌ مِنْهُمَا تَارِيخًا.

وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يُنْظَرُ: إنْ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ فِي يَدِهِمَا - كَوُجُودِهِ فِي تَرِكَةِ الرَّاهِنِ - فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُحْكَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْمُنَاصَفَةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ هُوَ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ الرَّهْنِ بِأَنْ يُبَاعَ لِدَيْنِهِ وَهُوَ قَابِلٌ لِلشَّرِكَةِ وَنَظِيرُهُ مَا إذَا بَرْهَنَا عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ لَا يُقْبَلُ فَإِذَا بَرْهَنَا بَعْدَ مَوْتِهَا قُبِلَ لِأَنَّ مَقْصُودَهُمَا الْمَالُ فَيُقْتَضَى لِكُلٍّ نِصْفُ مِيرَاثِ زَوْجٍ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) .

وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَطْ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ لِأَنَّ قَبْضَهُ دَلِيلٌ عَلَى سَبَقِهِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>