للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَيْدُ الثَّانِي الْمَنْفَعَةُ - بِمَا أَنَّ تَعْبِيرَ الْمَنْفَعَةِ هُنَا ذُكِرَ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَكَمَا أَنَّهُ يَكُونُ شَامِلًا لِكُلِّ مَنْفَعَةٍ فَالْمَالُ يَكُونُ شَامِلًا أَيْضًا لِمَنْفَعَةِ جُزْءٍ شَايِعٍ مِنْ الْمَالِ وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ إعَارَةَ الْمَشَاعِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ وَغَيْرِ الْقَابِلِ صَحِيحَةٌ. وَسَوَاءٌ أُعِيرَ إلَى الشَّرِيكِ أَوْ إلَى أَجْنَبِيٍّ كَمَا أَنَّ إعَارَةَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ إلَى شَخْصَيْنِ صَحِيحَةٌ أَيْضًا وَسَوَاءٌ أُعِيرَ عَلَى أَنْ يُسْتَعْمَلَ مُنَاصَفَةً أَوْ بِنِسْبَةِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ أَوْ أُجْمِلَتْ كَيْفِيَّةُ الِاسْتِعْمَالِ وَلَمْ تُفَصَّلْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الْعَارِيَّة) .

سُؤَالٌ - وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (٢٩ ٤) إنَّ إجَارَةَ الْمَشَاعِ غَيْرُ جَائِزَةٍ. مَعَ أَنَّ إعَارَتَهُ جَائِزَةٌ. فَمَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ .

الْجَوَابُ - إنَّ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ مُعَاوَضَةً فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ. وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَبِالنَّظَرِ لِكَوْنِهَا مُعَاوَضَةً فَلَا مُسَامَحَةَ فِيهَا.

مَنْفَعَةُ الْمُسْتَعَارِ: كَمَا وَأَنَّ مَنْفَعَةَ الْمُسْتَعَارِ تَكُونُ بِأَشْيَاءَ كَاسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعَارِ عَلَى مَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ وَرَهْنِ الْمَالِ الْمُسْتَعَارِ لِآخَرَ كَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا بِإِيجَارِ الْمُسْتَعَارِ إلَى آخَرَ وَانْتِفَاعِ الْمُسْتَعِيرِ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ) .

مَثَلًا لَوْ أَعْطَى الْمُعِيرُ مَالَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ وَأَذِنَ لَهُ بِإِيجَارِهِ لِلْغَيْرِ وَالِانْتِفَاعِ بِبَدَلِهِ جَازَ وَكَانَ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ مِلْكَ الْمُسْتَعِيرِ.

أَسْئِلَةٌ وَأَجْوِبَتُهَا عَلَى تَعْرِيفِ الْعَارِيَّةِ:

السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: يَدْخُلُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ الْمَالُ الَّذِي أُوصِيَتْ مَنْفَعَتُهُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ: إذَا تُوُفِّيتُ فَلْيَسْكُنْ زَيْدٌ فِي دَارِي هَذِهِ مُدَّةَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ وَصِيَّةٌ بِالْمَنْفَعَةِ وَحَيْثُ إنَّ تَعْرِيفَ الْعَارِيَّةِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا فَلَا يَكُونُ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ مَانِعًا لِأَغْيَارِهِ.

الْجَوَابُ: الْمَقْصُودُ مِنْ التَّمْلِيكِ فِي الْحَالِ وَمَالِ التَّعْرِيفِ هُوَ (الْمَالُ الَّذِي مُلِكَتْ مَنْفَعَتُهُ فِي الْحَالِ) وَأَمَّا فِي الْوَصِيَّةِ فَلَا تَمْلِيكَ فِي الْحَالِ بَلْ أَنَّهُ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ.

السُّؤَالُ الثَّانِي: هِبَةُ الْمَنْفَعَةِ تَدْخُلُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ كَمَا لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ فِي عَرْصَةِ شَخْصٍ آخَرَ حَقُّ مُرُورٍ مُجَرَّدٍ عَنْ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ وَوَهَبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَقَّ مُرُورِ هَذَا إلَى صَاحِبِ الْعَرْصَةِ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْهِبَةُ إسْقَاطًا كَانَتْ دَاخِلَةً فِي تَعْرِيفِ الْعَارِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ التَّعْرِيفُ مَانِعًا لِأَغْيَارِهِ.

الْجَوَابُ: الْمَقْصُودُ مِنْ التَّمْلِيكِ التَّمْلِيكُ بِطَرِيقِ الْجَوَازِ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ لِلْمَالِكِ حَقُّ الرُّجُوعِ مَتَى أَرَادَ وَإِلَّا لَيْسَ التَّمْلِيكُ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ. حَتَّى أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (٦ ٨٠) لِلْمُعِيرِ حَقُّ الرُّجُوعِ مَتَى شَاءَ عَنْ هَذَا التَّمْلِيكِ. فَحِينَمَا قُصِدَ مِنْ هَذَا التَّمْلِيكِ هِبَةُ الْمَنْفَعَةِ كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ أَيْ هِبَةُ حَقِّ الْمُرُورِ أَبَدًا فَلَا تَكُونُ دَاخِلَةً فِي هَذَا التَّعْرِيفِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ مُوجِبٍ لِعِلَاوَةِ عِبَارَةِ (لَا عَلَى التَّأْبِيدِ) وَأَيْضًا تَعْبِيرُ (مُلِكَتْ) الْمَذْكُورُ فِي التَّعْرِيفِ لِأَجْلِ إخْرَاجِ هَذِهِ الْهِبَةِ مِنْ تَعْرِيفِ الْعَارِيَّةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ فِي الْعَارِيَّةِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>