للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ سُقُوطَ النَّفَقَةِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَذْهَبُ الْإِمَامِ زُفَرَ وَأَمَّا فِي مَذْهَبِ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ فَلَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ.

. صُورَةُ تَدَارُكِ النَّفَقَةِ وَكَوْنُ الْإِنْفَاقِ مُؤَقَّتًا: تُتَدَارَكُ النَّفَقَةُ أَوَّلًا مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ. كَمَا لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ قَابِلَةً لِلْإِيجَارِ كَالْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَالْحِصَانِ فَيُؤَجِّرُهَا الْمُلْتَقِطُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ أُجْرَتِهَا.

ثَانِيًا: يُنْفِقُ الْمُلْتَقِطُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مُؤَقَّتًا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. كَمَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَأْجِرٌ لِلُّقَطَةِ وَخِيفَ مِنْ أَنْ تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ قِيمَةَ الْحَيَوَانِ أَوْ كَانَتْ شَاةً مَثَلًا أَيْ حَيَوَانًا غَيْرَ قَابِلٍ لِلْإِيجَارِ فَيَأْمُرُ الْحَاكِمُ الْمُلْتَقِطَ بِالْإِنْفَاقِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَبِيعُهَا وَيَحْفَظُ ثَمَنَهَا لِأَنَّ أَمْرَ الْحَاكِمِ نَظَرِيٌّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى وُجُودِ الْمَنْفَعَةِ.

وَيُعْطِي الْحَاكِمُ الْمُلْتَقِطَ مَصْرِفَ الْيَوْمَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ هَذَا الثَّمَنِ. (" ١ " رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٥٨) وَقَدْ أُوضِحَ بَيْعُ اللُّقَطَةِ آنِفًا) .

وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْحَاكِمِ أَنْ يُثْبِتَ الْمُلْتَقِطُ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ لُقَطَةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَدُرُّ الْمُخْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .

تَبَدُّلُ الْحِذَاءِ فِي الِازْدِحَامِ: إذَا تَرَكَ إنْسَانٌ عِنْدَ ازْدِحَامِ النَّاسِ حِذَاءَهُ سَهْوًا وَأَخَذَ حِذَاءَ غَيْرِهِ يَكُونُ لُقَطَةً. وَيَجِبُ التَّفْتِيشُ عَلَى صَاحِبِهِ وَأَمَّا إذَا أَخَذَ حِذَاءَ أَحَدِهِمْ قَصْدًا فِي الِازْدِحَامِ وَتَرَكَ مَحِلَّهُ حِذَاءً أَدْنَى مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَذَا الْحِذَاءِ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَخَذَهُ وَتَرَكَ الْأَدْنَى مِنْهُ يَكُونُ أَظْهَرَ رِضًا بِانْتِفَاعِ الْغَيْرِ بِذَلِكَ الْأَدْنَى وَيَجِبُ أَنْ لَا يُفْهَمَ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ جَوَازُ وَمَشْرُوعِيَّةُ انْتِفَاعِ الشَّخْصِ الَّذِي أَخَذَ الْأَعْلَى بِهِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْحِذَاءُ الَّذِي تُرِكَ مُسَاوِيًا لِلَّذِي أُخِذَ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ يَكُونُ فِي حُكْمِ اللُّقَطَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ)

[ (الْمَادَّةُ ٧٧٠) إعْلَانُ الْمُلْتَقِط أَنَّهُ وَجَدَ لُقَطَةً وَحِفْظُهَا عِنْدَهُ أَمَانَةً]

(الْمَادَّةُ ٧٧٠) يُعْلِنُ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ وَجَدَ لُقَطَةً وَيَحْفَظُهَا عِنْدَهُ أَمَانَةً لِبَيْنَمَا يَظْهَرُ صَاحِبُهَا فَإِذَا ظَهَرَ شَخْصٌ وَأَثْبَتَ أَنَّهَا مَالَهُ لَزِمَهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ إيَّاهَا.

يُعْلِنُ الْمُلْتَقِطُ بِوَاسِطَةِ الْمُنَادِي فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَجَدَ اللُّقَطَةَ فِيهِ وَفِي الْأَسْوَاقِ وَالشَّوَارِعِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ كَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ أَنَّهُ وَجَدَ لُقَطَةً أَوْ يُعْلِنُ هُوَ بِذَاتِهِ. وَيَقُولُ الْفُقَهَاءُ لِهَذَا الْإِعْلَانِ (تَعْرِيفٌ) .

سَبَبُ الْإِعْلَانِ فِي الْمَحَالِّ الْمَذْكُورَةِ هُوَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِعْلَانِ ظُهُورُ صَاحِبِ الْمَالِ وَتَسْلِيمُهُ إيَّاهُ وَنَوَالُ صَاحِبِ الْمَالِ مَالَهُ فَالْإِعْلَانُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يُسَهِّلُ الْمَقْصُودَ الْمَذْكُورَ.

وَأَمَّا الْإِعْلَانُ فِي الْجَرَائِدِ فَلَمْ تَكُنْ أَوْرَاقَ حَوَادِثَ فِي عَصْرِ الْفُقَهَاءِ كَمَا هُوَ فِي زَمَانِنَا فَلَا يُوجَدُ بَحْثٌ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بِشَأْنِ الْإِعْلَانِ بِهَذِهِ الْوَاسِطَةِ. وَلَكِنَّ الْإِعْلَانَ فِي زَمَانِنَا بِوَاسِطَةِ الْأَوْرَاقِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا جَائِزٌ. وَلَكِنْ بِمَا أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَقْرَءُونَ الْجَرَائِدَ وَيَعْرِفُونَ قِرَاءَتَهَا وَبِمَا أَنَّهُ لَا تُوجَدُ جَرَائِدُ فِي كُلِّ مَحِلٍّ فَيَجِبُ الْإِعْلَانُ أَيْضًا بِوَاسِطَةِ الْمُنَادِي فِي مَجَامِعِ النَّاسِ كَمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>