للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ الشَّخْصَ مُسْتَوْدَعًا؛ لِأَنَّ التَّصْرِيحَيْنِ تَعَارَضَا فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً فِي يَدِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَفِيهِ أَنَّ الثَّانِيَ رُجُوعٌ عَنْ الْأَوَّلِ فَالظَّاهِرُ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً؛ لِأَنَّهُ رَدُّ الْحِفْظِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ حِينَمَا دَفَعَ إلَى دَارِهِ الْمَالَ وَرَأَى صَاحِبَهُ وَسَكَتَ صَارَ قَابِلًا دَلَالَةً (الشَّارِحُ) .

٣ - وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ رَجُلٌ مَالَهُ بِجَانِبِ صَاحِبِ دُكَّانٍ دُونَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا كَهَذَا الْمَالِ وَدِيعَةٌ عِنْدَك مَثَلًا، وَذَهَبَ وَرَآهُ صَاحِبُ الدُّكَّانِ وَسَكَتَ فَحَيْثُ إنَّ الْإِيدَاعَ يَنْعَقِدُ فِعْلًا أَيْ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ دَلَالَةً فَعَلَيْهِ يَصِيرُ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً عِنْدَ صَاحِبِ الدُّكَّانِ. حَتَّى أَنَّهُ إذَا تَرَكَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ الْوَدِيعَةَ هُنَاكَ وَذَهَبَ يَصِيرُ ضَامِنًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَرَدَ فِي هَذَا الْمِثَالِ (وَرَآهُ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرَهُ لَا تَكُونُ الْوَدِيعَةُ قُبِلَتْ بِالدَّلَالَةِ الْقَوْلِيَّةِ أَوْ الْفِعْلِيَّةِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ ذَلِكَ الْمَالُ لِعَدَمِ مُحَافَظَةِ صَاحِبِ الدُّكَّانِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ.

وَلَكِنْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الدُّكَّانِ أَنْ يَرْمِيَ بِهِ إلَى الْخَارِجِ. فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ. عَلَى مَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمِثَالِ الْأَوَّلِ.

٤ - وَكَذَلِكَ إذَا أَرْسَلَ شَخْصٌ بِوَاسِطَةِ شَخْصٍ آخَرَ حَيَوَانَهُ إلَى الرَّاعِي لِأَجْلِ رَعْيِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ الرَّاعِي وَقَالَ: لَا أَقْبَلُ أَعِدْهُ إلَى صَاحِبِهِ وَبَيْنَمَا كَانَ يُعِيدُهُ هَلَكَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الشَّخْصِ الْآخَرِ وَلَا عَلَى الرَّاعِي؛ لِأَنَّ الرَّاعِيَ بِعَدَمِ قَبُولِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ الْأَمَانَةُ. وَحَيْثُ إنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ الْآخَرَ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَسْلِيمِ الْحَيَوَانِ إلَى الرَّاعِي فَلَمْ تَنْتَهِ رِسَالَتُهُ وَيَدُ أَمَانَتِهِ بَاقِيَةٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

٥ - وَكَذَلِكَ إذَا نَزَعَ رَجُلٌ ثَوْبَهُ فِي الْحَمَّامِ وَتَرَكَهُ عِنْدَ حَارِسِ الثِّيَابِ وَرَآهُ هَذَا وَسَكَتَ يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَجِدْ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمُغْتَسَلِ، وَقَالَ الْحَارِسُ: إنَّ شَخْصًا لَبِسَ الثَّوْبَ وَذَهَبَ فَظَنَنْته لَهُ، فَلِكَوْنِهِ تَرَكَ السُّؤَالَ وَالْبَحْثَ وَقَصَّرَ فِي الْحِفْظِ يَكُونُ ضَامِنًا. وَلَكِنْ إذَا قَالَ الْحَارِسُ: رَأَيْت الشَّخْصَ وَهُوَ يَرْفَعُ ثَوْبَك وَلَكِنْ ظَنَنْته إيَّاكَ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ سُرِدَ وَجْهَانِ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ظَنَّ فِيمَنْ رَفَعَ الثَّوْبَ أَنَّهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ لَمْ يَكُنْ قَصَّرَ فِي الْحِفْظِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

الْوَجْهُ الثَّانِي - لُزُومُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فَتَكُونُ حِينَئِذٍ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرْت شَرْحًا وَهِيَ (حَتَّى إذَا جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَرَ الْحَيَوَانَ فِي مَحِلِّهِ وَعِنْدَ سُؤَالِهِ مِنْ صَاحِبِ الْخَانِ إلَخْ) نَظِيرَةً لِهَذِهِ.

٦ - وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ شَخْصٌ مَالًا بِجَانِبِ صَاحِبِ دُكَّانٍ قَائِلًا: هَذَا الْمَالُ وَدِيعَةٌ عِنْدَك وَذَهَبَ بَعْدَ أَنْ رَآهُ الْمُودِعُ وَسَكَتَ يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ. وَإِذَا رَدَّ صَاحِبُ الدُّكَّانِ قَائِلًا: لَا أَقْبَلُ، لَا يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ عُرْفًا لَا يَثْبُتُ عِنْدَ الرَّدِّ صَرَاحَةً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَلَا تُعَارِضُ الدَّلَالَةُ الصَّرِيحَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٣) وَشَرْحَهَا وَعَلَيْهِ إذَا فُقِدَ ذَلِكَ الْمَالُ بَعْدَهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الدُّكَّانِ. وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ مُرْتَبِطَةٌ فِي الْمِثَالِ الثَّالِثِ وَمُقَابِلَةٌ فِقْرَةَ (وَإِذَا رَآهُ وَسَكَتَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>