للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ: أَوْدِعْ هَذَا الْمَالَ عِنْدِي فَتَرَكَ الْمُودِعُ ذَلِكَ الْمَالَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا تَنْعَقِدُ الْوَدِيعَةُ (الْبَاجُورِيُّ) .

٧ - وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ شَخْصٌ مَالَهُ عِنْدَ جُمْلَةِ أَشْخَاصٍ عَلَى سَبِيلِ الْوَدِيعَةِ وَذَهَبَ وَرَأَوْهُ هُمْ أَيْضًا وَسَكَتُوا فَيَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ هُنَا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ دَلَالَةً فِعْلِيَّةً وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. يَعْنِي أَنَّ تَرْكَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَذَهَابَهُ أَيْ الْمُودِعِ الْمَرْقُومِ يَكُونُ إيدَاعًا فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ الْمَالُ بِنَاءً عَلَى مُغَادَرَتِهِمْ جَمِيعِهِمْ ذَلِكَ الْمَحِلَّ يَضْمَنُونَ كُلُّهُمْ بِالِاشْتِرَاكِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٧٨٧) . يَعْنِي أَنَّ بَدَلَ الضَّمَانِ يَنْقَسِمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الَّذِينَ قَامُوا وَذَهَبُوا فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةَ أَشْخَاصٍ مَثَلًا يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خُمْسَ قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ.

جَاءَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ (وَإِذَا رَأَوْهُ هُمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَرَوْهُ لَا يُوجَدُ قَبُولٌ بِالسُّكُوتِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْمَالِ الَّذِي دَفَعَهُ شَخْصٌ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ بِدُونِ أَمْرِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا.

وَسِيَّانِ قَاعِدَةُ تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ إلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَرَدِّ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ إلَى الْمُودِعِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا فُهِمَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ تَسْلِيمُ الْوَدِيعَةِ إلَى الْمُسْتَوْدَعِ يَتِمُّ بِوَضْعِهَا أَمَامَهُ وَلَيْسَ شَرْطًا وَضْعُهَا فِي يَدِهِ أَوْ فِي حِضْنِهِ. كَمَا أَنَّ رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَيْضًا يَتِمُّ بِوَضْعِهَا أَمَامَ الْمُودِعِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ وَضْعُهَا فِي يَدِهِ أَوْ فِي حِضْنِهِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ كَانَ الْإِيدَاعُ وَانْتِهَاءُ الْإِيدَاعِ مُتَسَاوِيَانِ. مَعَ أَنَّهُ فِي الدَّيْنِ لَيْسَتْ الْحَالَةُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ بَلْ وَضْعُ الْمَدِينِ دَيْنَهُ فِي يَدِ الدَّائِنِ أَوْ فِي حِضْنِهِ كَانَ شَرْطًا. حَتَّى أَنَّهُ بِوَضْعِهِ الدَّيْنَ أَمَامَهُ لَا يَكُونُ أَدَّى دَيْنَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

إلَّا أَنَّهُ إذَا غَادَرَ أُولَئِكَ الْأَشْخَاصُ الْوَاحِدُ تِلْوَ الْآخَرِ ذَلِكَ الْمَحِلَّ بَعْدَ أَنْ رَأَوْهُ وَسَكَتُوا فَمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ فِي الْآخِرِ يَكُونُ تَعَيَّنَ لِلْحِفْظِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَقَطْ (الْبَحْرُ) .

فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا تَرَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَيْضًا الْمَحِلَّ الْمَذْكُورَ وَفُقِدَ ذَلِكَ الْمَالُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ لَا غَيْرُ.

يَرِدُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سُؤَالٌ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي.

إنَّ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ أَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ تَجْعَلُهُمْ جَمِيعًا مُسْتَوْدَعِينَ كَمَا جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى. وَحَيْثُ إنَّ مَنْ يَذْهَبُ مِنْهُمْ وَيَتْرُكُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْبَاقِي كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَلْزَمَهُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْهَلَاكِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٧٩٠) الْجَوَابُ: أَنَّ الطَّحْطَاوِيَّ حَصَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْوَدِيعَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ عَادًّا إيَّاهَا مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ (٧٨٣) وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ فَقَالَ: إنَّ الْمُنَاسِبَ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى مَنْ ذَهَبَ ضَمَانُ مِقْدَارِ حِصَّتِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

[ (الْمَادَّةُ ٧٧٤) لِكُلٍّ مِنْ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ فَسْخُ عَقْدِ الْإِيدَاعِ مَتَى شَاءَ]

الْإِيدَاعُ لَيْسَ عَقْدًا لَازِمًا. يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لَازِمًا بِحَقِّ أَحَدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ.

رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١١٤) وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ لِلْمُودِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ وَدِيعَتَهُ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمَالِ. وَلِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ أَيْضًا أَنْ يَرُدَّ الْوَدِيعَةَ مَتَى أَرَادَ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِخُصُوصِ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ (الْبَاجُورِيُّ) .

فَبِنَاءً عَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ صَلَاحِيَةُ فَسْخِ الْإِيدَاعِ مَتَى أَرَادَ. سَوَاءٌ أَكَانَ عَقْدُ الْإِيدَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>