للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَدِيعَةِ يَنْتِجُ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ مَأْذُونٌ بِهِ أَيْ عَنْ الْإِمْسَاكِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٩١) .

وَأَمَّا الْهَلَاكُ الْمُنْدَرِجُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَنْشَأْ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ مَأْذُونٌ بِهِ بَلْ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِهِ.

٢ - سُؤَالٌ: بَيْنَمَا كَانَ الضَّمَانُ لَازِمًا إذَا وَطِئَ السَّاعَةَ فَلِمَاذَا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا وَطِئَ الْعَارِيَّةُ يَعْنِي كَمَا لَمْ يَلْزَمْ الضَّمَانُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (٨١٣) فِيمَا لَوْ سَقَطَتْ الْمِرْآةُ الْمُسْتَعَارَةُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَعِيرِ قَضَاءً أَوْ زَلَّتْ رِجْلُهُ وَاصْطَدَمَ بِالْمِرْآةِ فَانْكَسَرَتْ.

وَفِيمَا لَوْ سُكِبَ شَيْءٌ عَلَى الْبِسَاطِ وَتَلَوَّثَ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْوَدِيعَةِ.

يَعْنِي أَنَّ الْفِعْلَ الْوَاحِدَ يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي الْوَدِيعَةِ وَلَا يُوجِبُهُ فِي الْعَارِيَّةُ فَمَا هَذَا الْفَرْقُ؟ الْجَوَابُ: الْمُسْتَعِيرُ مَأْذُونٌ بِهَذَا الْعَمَلِ فِي الْعَارِيَّةُ يَعْنِي حَالَ كَوْنِ الْمُسْتَعِيرِ مَأْذُونًا بِفَرْشِ الْبِسَاطِ وَالْمَشْيِ عَلَيْهِ حَسَبَ الْعَارِيَّةُ مَثَلًا أَمَّا الْمُسْتَوْدَعُ فَلَيْسَ مَأْذُونًا بِدَوْسِ الْوَدِيعَةِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ بِمَا أَنَّ الْفِعْلَ الْمُسْتَلْزِمَ الْهَلَاكَ مَأْذُونٌ فِيهِ فِي الْعَارِيَّةُ فَلَيْسَ مَأْذُونًا فِيهِ فِي الْوَدِيعَةِ (الْأَشْبَاهُ وَشَرْحُهَا وَتَنْوِيرُ الْأَذْهَانِ) . كَذَلِكَ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ أُجْرَةً لِأَجْلِ إيدَاعِ مَالِهِ وَحِفْظِهِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَقَاوَلَ مَعَهُ عَلَى الْأُجْرَةِ ثُمَّ فُقِدَ ذَلِكَ الْمَالُ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالسَّرِقَةِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ نَظِيرُ فِقْرَةِ (غَيْرَ أَنَّهُ إذَا أَوْدَعَ لِأَجْلِ الْحِفْظِ بِأُجْرَةٍ) .

وَذَكَرَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ إذَا كَانَ الْهَلَاكُ بِسَبَبٍ غَيْرِ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ.

وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ مَالُ الْغَيْرِ وَإِنْ هَلَكَتْ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ هَذَا الْحُكْمُ (أَيْ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ أَمَانَةً بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ) إنَّمَا يَجْرِي فِي الصُّورَةِ الَّتِي تَكُونُ الْوَدِيعَةُ مَالَ الْمُودِعِ وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ مَالُ الْغَيْرِ فَكُلٌّ مِنْ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ يَكُونُ مَسْئُولًا. مَثَلًا لَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ شَخْصٍ فَهَلَكَ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْغَاصِبِ وَلَيْسَ لِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ بِصِفَتِهِ مَالِكًا بِالضَّمَانِ وَقْتَ الْغَصْبِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ أَوْدَعَ مَالَهُ وَتَكُونُ الْوَدِيعَةُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (٧٧٧) أَمَانَةً بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ، مَا لَمْ تَهْلِكْ بِشَيْءٍ أَوْقَعَهُ الْمُسْتَوْدَعُ فِيهَا كَالتَّعَدِّي وَالتَّقْصِيرِ.

وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَرْجِعُ الْغَاصِبُ أَيْضًا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ.

وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى الْمُودِعِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمُودِعَ غَاصِبٌ. (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٦٥٨) . وَعَلَى تَقْدِيرِ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِجَوَازِ رُجُوعِهِ، وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ بِعَدَمِ جَوَازِهِ.

وَيُبْنَى حَقُّ تَضْمِينِهِ الْغَاصِبَ عَلَى الْمَادَّةِ (٨٩١) وَتَضْمِينِهِ الْمُسْتَوْدَعَ يَنْجُمُ مِنْ أَجْلِ أَخْذِهِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِدُونِ رِضَا مَالِكِهِ أَيْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>