للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْحِفْظِ صَادِرٌ مِنْ الْمُودِعِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالزَّمَانِ، لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَكَانِ أَيْضًا. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ ٦٤) . فَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.

رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٩١) .

وَالشَّيْءُ الْمُحْتَاجُ إلَى حَمْلٍ وَمُؤْنَةٍ هُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ فِي حَمْلِهِ يَعْنِي فِي نَقْلِهِ إلَى ظَهْرٍ أَوْ إلَى أُجْرَةٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَلَا يُقَالُ: إنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُودِعِ حَيْثُ إنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ وَالْإِعَارَةِ مِنْ مَسَافَةِ السَّفَرِ تَكُونُ زِيَادَةً فَأَخْذُ الْوَدِيعَةِ فِي السَّفَرِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُودِعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُؤْنَةَ مِنْ لَوَازِمِ الْمُودِعِ الضَّرُورِيَّةِ.

إلَّا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي السَّفَرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ احْتِيَاجٌ إلَى مُؤْنَةِ الْحَمْلِ فَعَلَى مَنْ تَكُونُ عَائِدَةً هَلْ عَلَى الْمُودِعِ أَمْ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَلَعَلَّهَا عَائِدَةٌ عَلَى الْمُودِعِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحِفْظِ رَاجِعَةٌ إلَيْهِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ ٨٨) وَأَمَّا إذَا اخْتَارَ الْمُسْتَوْدَعُ هَذَا الْمَصْرِفَ بِلَا أَمْرٍ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُودِعِ بَعْدَهُ (الشَّارِحُ) .

وَأَمَّا إذَا كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ أَمِينٍ فَيُنْظَرُ حِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ ضَرُورِيًّا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرُورِيًّا وَكَانَ سَفَرُهُ مَعَ أَهْلِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَأَمَّا إذَا كَانَ سَفَرُهُ مُنْفَرِدًا فَيَضْمَنُ.

(الْبَحْرُ) .

أَخْذَ الْوَدِيعَةِ فِي السَّفَرِ بَحْرًا: السَّفَرُ بَحْرًا مِنْ الْأَسْفَارِ ذَاتِ الْأَخْطَارِ وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَحْرُ أَنَّ التَّلَفَ وَالْهَلَاكَ غَالِبٌ فِيهِ وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ نَقْلَ الْأَمْوَالِ التِّجَارِيَّةِ فِي السُّفُنِ مُتَعَارَفٌ فِي زَمَانِنَا وَالسَّلَامَةُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْيَانِ غَالِبَةٌ فِيهَا فَاللَّائِقُ أَنْ لَا يَكُونَ فَرْقٌ بَيْنَ السَّفَرِ بَحْرًا وَالسَّفَرِ بَرًّا فَحِينَئِذٍ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَدِيعَةَ مَعَهُ إنْ سَافَرَ بَرًّا أَوْ بَحْرًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَبِمَا أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ السُّفُنُ التِّجَارِيَّةُ مَوْجُودَةً فِي زَمَنِ الْفُقَهَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْأَسْفَارُ كَانَتْ تَحْصُلُ بِالسُّفُنِ ذَاتِ الشِّرَاعِ وَلِذَلِكَ كَانُوا يُعِدُّونَ السَّفَرَ فِي الْبَحْرِ خَطَرًا وَمُؤَدِّيًا لِلْهَلَاكِ. وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ الْحَاضِرَةِ فَنَظَرًا لِوُجُودِ سُفُنٍ تِجَارِيَّةٍ جَسِيمَةٍ فَلَا خَطَرَ فِي السَّفَرِ فِيهَا.

فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا نَقَلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي سَفِينَةٍ شِرَاعِيَّةٍ يَجِبُ عَدُّهَا خَطِرَةً وَإِنْ نَقَلَهَا فِي سَفِينَةٍ تِجَارِيَّةٍ يَلْزَمُ عَدُّهَا سَالِمَةً كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ (الشَّارِحُ) .

وَإِذَا عَيَّنَ الْمُودِعُ مَكَانَ الْحِفْظِ أَوْ نَهَى عَنْ السَّفَرِ بِهَا فَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَأْخُذَهَا فِي سَفَرِهِ، يَعْنِي إذَا عَيَّنَ الْمُودِعُ مَكَانَ حِفْظٍ لِأَجْلِ الْوَدِيعَةِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُغَيِّرَهُ وَلَا أَنْ يَأْخُذَهَا فِي السَّفَرِ إذَا نَهَى الْمُودِعُ عَنْ ذَلِكَ. كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا إذَا اُشْتُرِطَتْ أُجْرَةٌ فِي مُقَابَلَةِ حِفْظِهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْفَاظَ مُقَابِلَ الْأُجْرَةِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالتَّسْلِيمَ لَازِمٌ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ (قطلوبغا فِي الْوَدِيعَةِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ) .

[ (الْمَادَّةُ ٧٨٢) يَلْزَمُ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ مِثْل أَمْثَالِهَا]

(الْمَادَّةُ ٧٨٢) يَلْزَمُ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ مِثْلُ أَمْثَالِهَا. بِنَاءً عَلَيْهِ حِفْظُ الْأَمْوَالِ كَالنُّقُودِ وَالْمُجَوْهَرَاتِ فِي مَحَالَّ كَالْإِصْطَبْلِ وَالتِّبْنِ تَقْصِيرٌ فِي الْحِفْظِ فَإِذَا هَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ.

بِاخْتِلَافِ الْوَدِيعَةِ يَخْتَلِفُ مَحِلُّ الْحِفْظِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ كَأَمْثَالِهَا لَازِمٌ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. يَعْنِي أَنَّ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا لَازِمٌ وَمَا كَانَ حِرْزًا أَيْ مَحِلَّ حِفْظٍ لِنَوْعٍ مِنْ الْوَدِيعَةِ لَا يَكُونُ حِرْزًا لِنَوْعِ وَدِيعَةٍ آخَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>