للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوْجُودَةَ فِي الْمَخْزَنِ الْفُلَانِيِّ وَقَبِلَ مِنْهُ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَهُ خِلَافَ الْحِنْطَةِ الْمُبَاعَةِ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ مِنْ جِنْسٍ أَعْلَى مِنْ جِنْسِ تِلْكَ.

وَلَمَّا كَانَ الْمَبِيعُ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْبَيْعِ فَقَدْ اُشْتُرِطَ فِيهِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَوَادِّ (١٩٤ و ١٩٧ و ١٩٨) أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَمَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَلَفِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. أَمَّا الثَّمَنُ فَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢٤٣) .

فَلَوْ بَاعَ شَخْصٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ وَكَانَ حِينَ الْبَيْعِ لَا يَمْلِكُ الْحِنْطَةَ الْمَذْكُورَةَ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ١١٥) وَلَا يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ إلَى حَالِ الصِّحَّةِ لَوْ أَصْبَحَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ مَالِكًا لِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ الْحِنْطَةِ حَتَّى وَلَوْ سَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي.

أَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مَالًا بِمِائَةِ جُنَيْهٍ وَكَانَ لَا يَمْلِكُ الْمِائَةَ جُنَيْهٍ حِينَ الْعَقْدِ فَلَا يَطْرَأُ بِذَلِكَ خَلَلٌ مَا عَلَى الْعَقْدِ وَلَهُ بَعْدَئِذٍ أَنْ يَتَدَارَكَهَا وَيَدْفَعَهَا لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْأَعْيَانِ، وَالْأَثْمَانُ إنْ هِيَ إلَّا وَسِيلَةٌ لِلْمُبَادَلَةِ.

أَعْيَانٌ: جَمْعُ عَيْنٍ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ كَمَا عُرِّفَتْ فِي الْمَادَّةِ (١٥٩) تَشْمَلُ الثَّمَنَ الْمَوْجُودَ فَبِالنَّظَرِ لِلْمُقَابَلَةِ الْوَارِدَةِ هُنَا يُعْلَمُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْيَانِ إنْ هُوَ إلَّا غَيْرُ الثَّمَنِ.

الْأَمْوَالُ: جَمْعُ مَالٍ وَكَلِمَةُ الْمَالِ وَإِنْ تَكُنْ كَمَا فُهِمَ مِنْ الْمَادَّةِ (١٢٦) تَشْمَلُ الثَّمَنَ أَيْضًا وَلَكِنْ بِمَا أَنَّهَا جَاءَتْ هُنَا مُقَابِلَةً لِلثَّمَنِ فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ أُرِيدَ بِهَا غَيْرُ الْأَثْمَانِ مِنْ الْأَمْوَالِ.

[ (الْمَادَّةُ ١٥٢) الثَّمَنُ مَا يَكُونُ بَدَلًا لِلْمَبِيعِ وَيَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ]

(الْمَادَّةُ ١٥٢) الثَّمَنُ مَا يَكُونُ بَدَلًا لِلْمَبِيعِ وَيَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ حَتَّى وَلَوْ أُشِيرَ إلَى الثَّمَنِ حِينَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ نَقْدًا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ بَلْ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (٢٤٣) لَا يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ.

وَالثَّمَنُ: لُغَةً هُوَ قِيمَةُ الشَّيْءِ وَهَذَا الْمَعْنَى أَعَمُّ مِنْ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ فَنَقْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ إلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ هُوَ مِنْ نَقْلِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ.

وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الثَّمَنُ بِمَعْنَى الْبَدَلِ مُطْلَقًا وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (٤٦٣) بِهَذَا الْمَعْنَى فَسَيَأْتِي فِي شَرْحِهَا إيضَاحُهُ وَتَفْصِيلُهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ لِلثَّمَنِ مَعْنَيَيْنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ قِيمَةُ الْمَبِيعِ وَيَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَهُوَ الْمَعْنَى الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَمَعْنَى أَنَّهُ بَدَلٌ: أَيْ أَنَّهُ الْمَالُ الَّذِي يَكُونُ عِوَضًا عَنْ الْمَبِيعِ.

فَيَدْخُلُ فِيهِ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ الْمَكِيلَاتُ، وَالْمَوْزُونَاتُ، وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ وَالنُّقُودُ دُونَ الْأَعْيَانِ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَرَتُّبِهَا بِالذِّمَّةِ.

وَيَدْخُلُ فِيهِ بِمَعْنَاهُ الثَّانِي النُّقُودُ وَالْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْأَعْيَانُ غَيْرُ الْمِثْلِيَّةِ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَمَا إلَيْهَا هَذَا وَالثَّمَنُ نَوْعَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>