للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ يَدِك لَيْلًا وَنَهَارًا شَرْطٌ مُمْكِنُ التَّنْفِيذِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَهُوَ لَغْوٌ وَإِذَا أَعْطَاهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ اضْطِرَارٌ وَاحْتِيَاجٌ لِذَلِكَ وَتَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَحَيْثُ إنَّ النَّهْيَ مُفِيدٌ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا إنْ كَانَ هَلَاكُهَا حَصَلَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي وَغَيْبُوبَتِهِ عَنْ عَيْنَيْهِ وَيَجْرِي فِي هَذَا الضَّمَانِ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ التَّفْصِيلَاتُ الَّتِي سَتُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٩٠) .

وَسَبَبُ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ أَنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِي الْأَمَانَةِ وَالْكِيَاسَةِ وَالدِّينِ وَمَعْرِفَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُوجِبُ الشَّيْنَ.

فَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُفِيدًا.

وَأَمَّا إذَا وَقَعَ هَلَاكُ الْوَدِيعَةِ وَضَيَاعُهَا قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ الْمُسْتَوْدَعَ الثَّانِيَ فَحَيْثُ إنَّ الْوَدِيعَةَ تَكُونُ حِينَئِذٍ فِي حِفْظِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ فَعَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي.

يَكُونُ عَدَمُ وُجُودِ اضْطِرَارِ إعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ لِلْغَيْرِ عَلَى وَجْهَيْنِ: وَوَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ (إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ اضْطِرَارٌ) .

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنْ تَكُونَ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا خَفِيفًا كَسَاعَةِ جَيْبٍ وَخَاتَمٍ فَيُعْطِيهَا الْمُسْتَوْدَعُ لِأَمِينِهِ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى حِفْظِهَا وَاسْتِصْحَابِهَا بِنَفْسِهِ. وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَهَا بِنَفْسِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ مَجْبُورًا عَلَى إعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ أَمِينَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ شَيْئًا خَفِيفًا لِغَيْرِهِ لِأَجْلِ حِفْظِهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَمِينٌ يَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ غَيْرَ الْأَمِينِ الَّذِي نَهَى الْمُودِعُ عَنْهُ (الْبَحْرُ) كَذَلِكَ إذَا شَرَطَ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ فِي الْغُرْفَةِ الْفُلَانِيَّةِ مِنْ الدَّارِ وَحَفِظَهَا الْمُسْتَوْدَعُ فِي غُرْفَةٍ غَيْرِهَا مِنْ تِلْكَ الدَّارِ - سَوَاءٌ أَنَهَى عَنْ حِفْظِهَا فِي غُرْفَةٍ غَيْرِهَا أَمْ لَمْ يَنْهَ - وَعَلَى تَقْدِيرِ حِفْظِهَا فِي غُرْفَةٍ غَيْرِهَا مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَإِنْ كَانَتْ الْغُرَفُ مُتَسَاوِيَةً فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ أَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْغُرْفَةُ الْأُخْرَى أَقْوَى فِي الْحِفْظِ فَحَيْثُ إنَّ الشَّرْطَ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ غَيْرُ مُفِيدٍ فَلَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ كُلَّ الدَّارِ حِرْزٌ وَاحِدٌ. وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا: أَنَّهُ إذَا نَقَلَ السَّارِقُ الْمَالَ مِنْ غُرْفَةٍ إلَى أُخْرَى لَا يَلْزَمُهُ حَدُّ السَّرِقَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

كَمَا لَوْ شَرَطَ وَضْعَ النُّقُودِ الْمُودَعَةِ فِي كَذَا كِيسٍ وَوُضِعَتْ فِي غَيْرِهِ وَفُقِدَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ وَضْعُ النَّقْدِ الْمُودَعِ بِشَرْطِ وَضْعِهِ فِي الْكِيسِ فِي الصُّنْدُوقِ يَجُوزُ حِفْظُ النُّقُودِ الْمُودَعَةِ بِشَرْطِ أَنْ تُوضَعَ فِي الصُّنْدُوقِ فِي الْغُرْفَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَإِنْ كَانَتْ مُمْكِنَةَ التَّنْفِيذِ فَلَيْسَتْ مُفِيدَةً.

وَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَمَا أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ الضَّمَانُ فِي أَمْثِلَةِ الْحُكْمِ الرَّابِعِ وَالْحُكْمِ الثَّالِثِ فَلَا يَلْزَمُ فِي هَذَا أَيْضًا.

وَكَذَلِكَ الشُّرُوطُ الَّتِي مِثْلُ (خُذْ الْوَدِيعَةَ بِيَدِك الْيُمْنَى وَلَا تَأْخُذْهَا بِالْيَدِ الْيُسْرَى) أَوْ اُنْظُرْ الْوَدِيعَةَ بِالْعَيْنِ الْيُمْنَى وَلَا تَنْظُرْ إلَيْهَا بِالْعَيْنِ الْيُسْرَى لَغْوٌ وَمُخَالَفَتُهَا لَا تُوجِبُ الضَّمَانَ.

كَمَا لَوْ دَخَلَ شَخْصٌ إلَى دَارِ آخَرَ وَنَقَلَ بِلَا إذْنٍ الثَّوْبَ مِنْ إحْدَى غُرَفِهَا إلَى غُرْفَةٍ أُخْرَى يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ الْغُرَفُ مُتَسَاوِيَةً فِي الْحِرْزِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَيَلْزَمُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَسَاوِيَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>