للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا أَجْرَى الْمُسْتَوْدَعُ فِي الْوَدِيعَةِ التَّصَرُّفَ الْمَعْدُودَ تَعَدِّيًا بِأَمْرِ الْمُودِعِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْإِنْسَانِ فِي حَقِّ مِلْكِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١٥١٠) .

وَلِذَلِكَ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ وَيُعِيرَهَا وَيَرْهَنَهَا وَيَهَبَهَا وَيُؤَجِّرَهَا وَيَبِيعَهَا بِإِذْنِ الْمُودِعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (١٤٥٢) . وَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٧٩٢) . وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مَعَ غَيْرِ أَمِينِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٩٩) . وَأَنْ يَصْرِفَهَا عَلَى مَنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ كَأَهْلِ الْمُودِعِ وَعِيَالِهِ.

اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٧٩٩) .

وَعَلَيْهِ أَيْضًا إذَا خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ بِمَالٍ آخَرَ بِصُورَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا مَعَهَا أَوْ اخْتَلَطَ الْمَالَانِ كَذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا بِدُونِ رَأْي وَضْعِ الْمُسْتَوْدَعِ مَثَلًا - هَذَا التَّمْثِيلُ عَلَى فِقْرَةِ (بِدُونِ صُنْعِهِ) - إذَا انْخَرَقَ الْكِيسُ الْمَوْجُودُ وَدِيعَةً دَاخِلَ صُنْدُوقٍ وَاخْتَلَطَتْ دَنَانِيرُ الذَّهَبِ الْعُثْمَانِيِّ الَّتِي فِيهِ مَعَ دَنَانِيرِ ذَهَبٍ عُثْمَانِيٍّ أُخْرَى بِعَيْنِ الْوَزْنِ وَعَيْنِ الْمِقْدَارِ يَعْنِي لَوْ اخْتَلَطَتْ مَثَلًا عَشْرُ قِطَعِ دَنَانِيرِ ذَهَبٍ عُثْمَانِيٍّ كُلُّ قِطْعَةٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ مَعَ خَمْسِ قِطَعِ دَنَانِيرَ عُثْمَانِيٍّ ذَهَبٍ كُلُّ قِطْعَةٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ أَيْضًا وَكَانَ تَفْرِيقُهَا مُمْكِنًا مِنْ بَعْضِهَا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَيَصِيرُ الْمُسْتَوْدَعُ وَصَاحِبُ الْوَدِيعَةِ شَرِيكَيْنِ فِي مَجْمُوعِهَا أَيْ فِي الْمَخْلُوطِ بِشَرِكَةِ الْمِلْكِ شَرِكَةً اخْتِيَارِيَّةً بِصُورَةِ الْخَلْطِ وَجَبْرِيَّةً بِتَقْدِيرِ الِاخْتِلَاطِ؛ لِأَنَّهُ حِينَمَا كَانَ مُحَرَّرًا فِي الْمَادَّةِ (٧٧٧) لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَعَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ بِالِاخْتِلَاطِ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَكُونُ مَعْلُومًا بِالْأَوْلَوِيَّةِ.

وَيَثْبُتُ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ أَيْضًا عِنْدَ الْخَلْطِ بِلَا صُنْعٍ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ صُنْعٌ وَتَعَدٍّ فِي الِاخْتِلَاطِ.

مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ الْمُودَعَةُ عَشَرَةً وَالْأُخْرَى خَمْسَةً وَاخْتَلَطَا بِبَعْضِهِمَا تَكُونُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا مُشْتَرَكَةً أَثْلَاثًا ثُلُثَانِ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَثُلُثٌ لِلْآخَرِ.

وَإِذَا هَلَكَ أَوْ ضَاعَ بَعْضُ الدَّنَانِيرِ الْمُخْتَلِطَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ بَعْضِ الْوَدِيعَةِ أَوْ كُلِّهَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَإِذَا هَلَكَ بَعْضُ الذَّهَبِ الْمُخْتَلِطِ يَجْرِي حُكْمُ الْمَادَّةِ (١٠٦١) .

اخْتِلَافُ الْأَئِمَّةِ فِي الْخَلْطِ بِالْإِذْنِ: اشْتِرَاكُ الْمُسْتَوْدَعِ وَالْمُودِعُ فِي صُورَةِ خَلْطِ الْمُسْتَوْدَعِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا يَجْرِي حُكْمُ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ يَعْنِي أَنَّ الْمَخْلُوطَ يَكُونُ مِلْكَ الْخَالِطِ وَيَضْمَنُ الْخَالِطُ حَقَّهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ.

كَمَا أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ أَتْبَعَ الْقَلِيلَ لِلْكَثِيرِ يَعْنِي مَنْ كَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ يَكُونُ الْمَخْلُوطُ مِلْكَهُ وَيَضْمَنُ حَقَّهُ الْآخَرُ. وَأُشِيرَ بِقَوْلِ (لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا) فِي الْمَجَلَّةِ إلَى أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الِاخْتِلَاطُ بِصُورَةٍ يَكُونُ التَّفْرِيقُ مُمْكِنًا فِيهَا لَا تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ فَيُفَرَّقُ الْمَالَانِ وَيُعْطَى لِكُلٍّ مَالُهُ.

إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ خَلَطَ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُودِعُ بِالْإِذْنِ فَبِهَا وَإِنْ أَنْكَرَ يُجْبَرُ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى إثْبَاتِهِ وَفِي حَالِ عَجْزِهِ عَنْ الْإِثْبَاتِ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُودِعَ الْيَمِينَ. فَإِنْ حَلَفَ الْمُودِعُ صَارَ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>