للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَظَرًا لِقَوْلِهِ فِي الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ فِي الْمَجَلَّةِ (يُضَمِّنُ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ) وَعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِإِمْكَانِ تَضْمِينِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي أَيْضًا وَلِأَنَّهُ فِي حَالَةِ حَمْلِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ يَكُونُ ذَكَرَ قِسْمًا مِنْهَا وَأَهْمَلَ الْقِسْمَ الْآخَرَ وَمَعَ كَوْنِ الْمَادَّةِ (٧٨٣) هِيَ مِنْ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُ (لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ) هُنَاكَ مَبْنِيًّا عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ قَوْلَهُ.

الْقَيْدُ الثَّانِي - لُزُومُ الضَّمَانِ بَعْدَ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ الْإِيدَاعِ يَكُونُ فِي صُورَةِ هَلَاكِهَا بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي.

وَأَمَّا إذَا اسْتَرَدَّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَهَا بِلَا إذْنٍ ثُمَّ هَلَكَتْ وَهِيَ بِيَدِهِ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَلْزَمُ بَعْدَ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَوْدَعِ وَعَوْدَتِهِ إلَى الْوِفَاقِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٨٧) .

فَإِذَا ادَّعَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ الْمُودِعُ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ هَلَكَتْ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي وَطَلَبَ الضَّمَانَ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا وَادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ هَلَاكَهَا بَعْدَ أَنْ رَدَّهَا الْمُسْتَوْدَعُ الثَّانِي لَهُ فَلَا يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ. وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ مُقِرٌّ بِالسَّبَبِ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَيْ الْإِيدَاعَ عِنْدَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَادِّعَاؤُهُ الْبَرَاءَةَ لَا يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ ٧٨٧ و ٧٨٩.

وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْمُودِعُ وَالْمُسْتَوْدَعُ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: إنَّ الْوَدِيعَةَ هَلَكَتْ بِيَدِهِ بَعْدَ أَنْ غُصِبَتْ مِنْهُ وَأُعِيدَتْ إلَيْهِ وَادَّعَى الْمُودِعُ بِأَنَّهَا هَلَكَتْ بِيَدِ الْغَاصِبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ يَبْقَى أَمِينًا كَمَا كَانَ.

فَالِاخْتِلَافُ السَّالِفُ الذِّكْرُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامَيْنِ هُوَ فِي حَقِّ مُسْتَوْدَعِ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي حَقِّ مُسْتَوْدَعِ الْغَاصِبِ. مَثَلًا إذَا أَوْدَعَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ شَخْصٍ وَهَلَكَ بِيَدِهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ - وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. مَا لَمْ يَكُنْ هَلَاكُ الْوَدِيعَةِ بِيَدِهِ حَصَلَ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِتَقْصِيرِهِ - وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدَعَ وَهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٦٥٨) . وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَوْدَعُ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُودِعَ غَاصِبٌ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَلَكِنْ إذَا أَعَادَ مُودَعُ الْغَاصِبِ الْوَدِيعَةَ إلَى مُودِعِهِ يَبْرَأُ. كَمَا كَانَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ بَرِيئًا بِرَدِّهِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٩١١) .

وَقَدْ ذَكَرَ وَجَزَمَ فِي الدُّرَرِ وَالْبَحْرِ أَنْ لِلْمُسْتَوْدَعِ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَاصِبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ نَظَرًا لِنَقْلِ الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَبَيَانِ الْبَاقَانِيِّ وَالْبُرْجَنْدِيِّ رُجُوعُ الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى الْغَاصِبِ يَكُونُ فِي صُورَةِ عَدَمِ عِلْمِ الْمُسْتَوْدَعِ بِكَوْنِ الْمُودِعِ غَاصِبًا. رَاجِعْ شَرْحَ (٧٧٧) .

وَإِذَا هَلَكَتْ بِتَعَدِّي وَتَقْصِيرِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي فَالْمُودِعُ مُخَيَّرٌ كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَهَا الْمُسْتَوْدَعُ. فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي - وَلَيْسَ لِهَذَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ.

كَمَا لَمْ يَكُنْ لِغَاصِبِ الْغَاصِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩١٠) - وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>