للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْدَعْتهَا عِنْدِي وَلَكِنْ رَدَدْتهَا لَك، أَوْ ادَّعَى بِأَنَّهَا تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ. وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى بِرَدِّهَا إلَى صَاحِبِهَا أَوْ تَلَفِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَيْسَ لَك عِنْدِي شَيْءٌ، يُقْبَلُ. إذْ إنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تُوجَدُ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بَعْدَ الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ فَيَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ صَادِقًا فِي قَوْلِهِ.

وَإِذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ ضَيَاعَ الْوَدِيعَةِ وَأَثْبَتَهُ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَهَا الْمُودِعُ بِالْبَيِّنَةِ بِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الْمُسْتَوْدَعِ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ وَالْهَلَاكُ مُطْلَقٌ إذْ إنَّهُ يُحْتَمَلُ الْهَلَاكُ قَبْلَ الْجُحُودِ وَلَا ضَمَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْهَلَاكُ بَعْدَ الْجُحُودِ فَالضَّمَانُ لَازِمٌ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الْمَضْمُونِ يُوجِبُ تَقَرُّرَ الضَّمَانِ وَلَا يَقْتَضِي سُقُوطَهُ. فَيَكُونُ قَدْ حَصَلَ شَكٌّ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَا يَزُولُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ (قطلوبغا فِي الْوَدِيعَةُ) .

[ (الْمَادَّةُ ٧٩٥) يَرُدُّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ وَيُسَلِّمُهَا بِالذَّاتِ أَوْ مَعَ أَمِينِهِ]

(الْمَادَّةُ ٧٩٥) :

يَرُدُّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ وَيُسَلِّمُهَا بِالذَّاتِ أَوْ مَعَ أَمِينِهِ فَإِذَا تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ فِي أَثْنَاءِ رَدِّهَا مَعَ أَمِينِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.

يَرُدُّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ وَيُسَلِّمُهَا إلَى الْمُودِعِ بِالذَّاتِ أَوْ مَعَ أَمِينِهِ الْمُقْتَدِرِ عَلَى الْحِفْظِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ مَعَ أَمِينِهِ جَائِزٌ كَمَا أَنَّ حِفْظَهَا عِنْدَهُ جَائِزٌ أَيْضًا بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (٧٨٠) .

إيضَاحُ الْقُيُودِ:

١ - (مُقْتَدِرٌ عَلَى الْحِفْظِ) : لِأَنَّهُ إذَا رَدَّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ مَعَ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُقْتَدِرِ عَلَى حِفْظِهَا وَتَلِفَتْ بِيَدِ ذَلِكَ الصَّغِيرِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ.

٢ - أَمِينِهِ: يَظْهَرُ مِنْ ذِكْرِ لَفْظَةِ " أَمِينِهِ " بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ وُجُودَ الْأَمِينِ الْمَرْقُومِ فِي عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا مَرَّ تَفْصِيلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٨٠) .

فَمَتَى رَدَّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَخْلُصُ مِنْ الْمَسْئُولِيَّةِ مَتَى إذَا ضُبِطَتْ الْوَدِيعَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ مَسْئُولًا وَلَا ضَامِنًا تِجَاهَ الْمُودِعِ.

غَيْرَ أَنَّهُ إذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ لِلرَّسُولِ بِأَمْرِ الْمُودِعِ وَبَعْدَ أَنْ هَلَكَتْ بِيَدِ الرَّسُولِ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ فَالْمُسْتَحِقُّ الْمَرْقُومُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُودِعِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلرَّسُولِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ ٩١٠) .

وَسَبَبُ قَوْلِهِ: أَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَدَّ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ مَعَ غَيْرِ أَمِينِهِ وَتَلِفَتْ قَبْلَ الْوُصُولِ يَضْمَنُ.

وَإِذَا ادَّعَى عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ بِقَوْلِ: إنِّي أَرْسَلْتُ الْوَدِيعَةَ مَعَ فُلَانٍ وَهُوَ غَيْرُ أَمِينٍ وَوَصَلَتْ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُودِعُ بِالْوُصُولِ فِيهَا وَإِذَا أَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودِعِ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُسْتَوْدَعُ وُصُولَهَا (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٧٨٩) .

صُورَةُ رَدِّ الْوَدِيعَةِ: رَدُّ الْمُسْتَوْدَعِ عِبَارَةٌ عَنْ تَخْلِيَةِ الْوَدِيعَةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ الْمُسْتَوْدَعُ مَجْبُورًا عَلَى نَقْلِهَا إلَى بَيْتِ الْمُودِعِ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.

٣ - (إلَى الْمُودِعِ) : لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَجَلَّةِ إلَى مَنْ يَجِبُ رَدُّ الْوَدِيعَةِ أَيْ هَلْ يَجِبُ رَدُّهَا إلَى الْمُودِعِ بِالذَّاتِ أَوْ يَجُوزُ رَدُّهَا إلَيْهِ وَإِلَى مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ؟ وَبِنَاءً عَلَيْهِ بَادَرْنَا إلَى إيضَاحِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>