للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ الزَّوْجُ فِي مَالِ زَوْجَتِهِ فَأَقْرَضَهُ آخَرُ وَتُوُفِّيَتْ الزَّوْجَةُ وَادَّعَى وَارِثُهَا أَنَّ الزَّوْجَ تَصَرَّفَ فِي الْمَالِ بِدُونِ إذْنٍ وَطَلَبَ الْحُكْمَ بِضَمَانَةِ، وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ تَصَرُّفَهُ كَانَ بِإِذْنِهَا، فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ مَعَ أَنَّ الْإِذْنَ مِنْ الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْوَارِثِ.

[ (الْمَادَّةُ ١٠) مَا ثَبَتَ بِزَمَانٍ يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُزِيلُ]

(الْمَادَّةُ ١٠) :

مَا ثَبَتَ بِزَمَانٍ يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُزِيلُ.

هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُطَابِقَةٌ لِقَاعِدَةِ (الْأَصْلُ إبْقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ) وَمُتَمِّمَةٌ لَهَا، وَهِيَ نَفْسُ قَاعِدَةِ الِاسْتِصْحَابِ الَّتِي سَبَقَ شَرْحُهَا، وَتَجْرِي فِيهَا أَيْضًا أَحْكَامُ نَوْعَيْ الِاسْتِصْحَابِ (اسْتِصْحَابُ الْحَالِ بِالْمَاضِي وَاسْتِصْحَابُ الْمَاضِي بِالْحَالِ) .

وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَادَّةِ: أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي ثَبَتَ حُصُولُهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ فِي الْحَالِ مَا لَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ وَالشَّيْءُ الثَّابِتُ وُجُودُهُ فِي الْحَالِ يُحْكَمُ أَيْضًا بِاسْتِمْرَارِهِ مِنْ الْمَاضِي مَا لَمْ يُوجَدْ مَا يُزِيلُهُ.

أَمَّا عِبَارَةُ (مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُزِيلُ) فَهِيَ قَيْدٌ فِي الْمَادَّةِ يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْمُزِيلُ لَا يُحْكَمُ بِبَقَاءِ الشَّيْءِ بَلْ يُزَالُ.

مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ ثَبَتَ مِلْكُ شَيْءٍ أَوْ مَالٌ لِأَحَدٍ مَا، يُحْكَمُ بِبَقَاءِ الْمِلْكِيَّةِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَا لَمْ يَثْبُتْ بِأَنَّ الْمَالَ انْتَقَلَ مِنْهُ لِآخَرَ بِعَقْدِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُزِيلَةِ لِلْمِلْكِيَّةِ أَمَّا لَوْ ثَبَتَ زَوَالُ الْمِلْكِيَّةِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ مَثَلًا، فَلَا يُحْكَمُ بِمِلْكِيَّةِ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ.

الِادِّعَاءُ: - يَقَعُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ، وَالْإِثْبَاتُ يَقَعُ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا:

أَوَّلًا: بِأَنْ يَدَّعِي الْمُدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَالشُّهُودُ تَشْهَدُ عَلَى الْمَاضِي كَقَوْلِ الْمُدَّعِي (إنَّ هَذَا الشَّيْءَ مِلْكِي، وَقَوْلِ الشُّهُودِ إنَّ هَذَا الشَّيْءَ كَانَ مِلْكَهُ) فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِمَا أَنَّ الشُّهُودَ لَا يُمْكِنُهُمْ مَعْرِفَةُ بَقَاءِ الْمِلْكِ لِلْمَالِكِ إلَّا بِطَرِيقِ الِاسْتِصْحَابِ فَشَهَادَتُهُمْ عَلَى مِلْكِيَّةِ الْمُدَّعِي فِي الْمَاضِي لَا تُثْبِتُ مِلْكِيَّتَهُ فِي الْحَالِ وَمَعَ هَذَا تُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بِمُوجَبِهَا.

ثَانِيًا: إنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْمَاضِي وَالشُّهُودُ تَشْهَدُ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ فِي الْحَالِ، فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ لَا تُقْبَلُ وَلَا يَجُوزُ تَطْبِيقُهَا عَلَى الِاسْتِصْحَابِ الْمَقْلُوبِ، وَهُوَ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ بِالْمَاضِي.

ثَالِثًا: إنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْمَاضِي وَالشُّهُودُ تَشْهَدُ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْمَاضِي، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ أَيْضًا، وَسَبَبُ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ فِي الْحَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ هُوَ أَنَّ إسْنَادَ الْمُدَّعِي مِلْكِيَّتَهُ إلَى الْمَاضِي يَتَضَمَّنُ نَفْسَ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ كَانَ مَالِكًا فِي الْحَالِ لَمَا كَانَ لَهُ فَائِدَةٌ مِنْ إسْنَادِ الْمِلْكِيَّةِ إلَى الزَّمَنِ الْمَاضِي، فَلِهَذَا تَكُونُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ وَاقِعَةً فِي دَعْوَى غَيْرِ صَحِيحَةٍ، فَلَا تُقْبَلُ.

وَالِاسْتِصْحَابُ حُجَّةٌ دَافِعَةٌ لَا حُجَّةٌ مُثْبِتَةٌ، فَلَا يُسْتَحْصَلُ الْحُكْمُ بِحُجَّةِ الِاسْتِصْحَابِ، بَلْ إنَّ الدَّعْوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>