للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ الرِّسَالَةِ مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ عَلَى أَنْ أَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَأُسَلِّمَهُ إيَّاهُ فَادْفَعُوهُ إلَيْهِ وَلَكِنَّهُ ضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَنَا فَإِذَا ثَبَتَ دَفْعُهُمْ هَذَا بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَسَبَبُ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ الْوَارِثِ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ هَذِهِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ هُوَ أَنَّهُ عَدَا عَنْ أَنَّ الْوَدِيعَةَ كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ فَقَدْ فَسَّرَهَا الْوَارِثُ وَلَمَّا كَانَ تَفْسِيرُهُ مُطَابِقًا لِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ صُدِّقَ قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ إنَّ الْوَدِيعَةَ لَيْسَتْ مَعْرُوفَةً فَادِّعَاؤُهُ أَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ وَأَنَّهُ هُوَ يَعْرِفُهَا لَمْ يَكُنْ مَسْمُوعًا.

وَبَيَانُ حَالِ الْوَدِيعَةِ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِوَقْتِ الْمَوْتِ فَإِذَا بَيَّنَ الْمُسْتَوْدَعُ حَالَ الْوَدِيعَةِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَإِفَاقَتِهِ يَكُونُ تَخَلَّصَ مِنْ التَّجْهِيلِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمُودِعُ التَّجْهِيلَ بِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالٍ الْوَدِيعَةِ وَقْتَ وَفَاتِهِ فَبِمَا أَنَّ عَدَمَ الْبَيَانِ وَقْتَ الْوَفَاةِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْبَيَانِ قَبْلَهُ وَلَا يَكُونُ الِادِّعَاءُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا بَلْ يَقْتَضِي إقَامَةَ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ مَاتَ مُجْهِلًا وَبِلَا بَيَانِ حَالِ الْوَدِيعَةِ وَتَقْرِيرِهَا فِي صُورَةِ بَيَانِ رَدِّ الْمِقْدَارِ الْمَجْهُولِ: إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ (كُنْت قَبَضْت بَعْضَ الْوَدِيعَةِ) وَتُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْكِنْ مَعْرِفَةُ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَقَالَ الْمُودِعُ: لَمْ آخُذْ شَيْئًا، وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُسْتَوْدَعِ: بَقِيَ مِائَةُ قِرْشٍ مِنْ الْوَدِيعَةِ الَّتِي هِيَ أَلْفُ قِرْشٍ مَثَلًا فَحَيْثُ إنَّ الْمُودِعَ قَبَضَ الْبَعْضَ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَهُوَ مَجْبُورٌ عَلَى تَعْيِينِ مِقْدَارِ مَا قَبَضَهُ وَيَثْبُتُ قَبْضُهُ لِلْمِقْدَارِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ.

وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّهُ قَبَضَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَحْلِفُ الْمُودِعُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا قَالَ الْمُودِعُ: أَخَذْت مِائَةَ قِرْشٍ، وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُسْتَوْدَعِ: أَخَذْت تِسْعَمِائَةِ قِرْشٍ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الْمُودِعِ.

ذُكِرَ فِي الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمُودِعُ بِقَبْضِ بَعْضِ الْوَدِيعَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ فِي تَعْيِينِ مِقْدَارِهِ لَهُ أَيْ لِلْمُودِعِ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ الْوَاجِبِ وُجُودُ فَرْقٍ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْهِنْدِيَّةِ هَذِهِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ (١٧٧٤) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَوْ تَوْفِيقِهِمَا.

حَاصِلُ مَسَائِلِ تَجْهِيلِ الْوَدِيعَةِ هُوَ هَذَا:

١ - إذَا بَيَّنَ الْمُسْتَوْدَعُ وَصْفَ الْوَدِيعَةِ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ فِي تَرِكَتِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ هَذَا.

٢ - إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَكَانَ الْوَارِثُ عَالِمًا الْوَدِيعَةِ وَصَادَقَ الْمُودِعَ عَلَى عِلْمِهِ بِهَذَا الْوَجْهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ هَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ.

٣ - إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ عَالِمًا الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا أَيْضًا فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فِي التَّرِكَةِ وَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي التَّرِكَةِ هُوَ الْوَدِيعَةُ يَأْخُذُهَا صَاحِبُهَا. وَهَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى.

٤ - إذَا تُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَصْفَ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>