للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِيَارٍ أُخْرَى وَقَبَضَ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ تَرِكَتَهُ فَإِنْ أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى الِابْنِ الْمَرْقُومِ وَلَمْ يُجِزْ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ذَلِكَ عِنْدَ حُضُورِهِمْ فَلَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ.

مُسْتَثْنًى: يُسْتَثْنَى مَسْأَلَةٌ مِنْ لُزُومِ دَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَى الْوَارِثِ وَهِيَ:

إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ عِنْدَ آخَرَ صَكًّا يَنْطِقُ بِأَنَّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ دَيْنَ - كَذَا قِرْشًا بِذِمَّةِ ذَلِكَ الْآخَرِ - ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُودِعُ وَعَلِمَ الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّ مِقْدَارًا مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ قَدْ أُوفِيَ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ ذَلِكَ الصَّكَّ أَبَدًا إلَى حِينِ أَنْ يُقِرَّ الْوَارِثُ بِالْقَبْضِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الصَّكَّ إلَى الْوَارِثِ الْمَذْكُورِ لَأَلْحَقَ ضَرَرًا بِالْمَدِينِ. وَالضَّرَرُ مَمْنُوعٌ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (١٧) الدُّرُّ الْمُخْتَارُ (وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَأَمَّا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ وَتُعْطَى الْوَدِيعَةُ بِأَمْرِهِ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَقْتَضِي إعْطَاؤُهَا وَإِذَا أَعْطَاهَا الْمُسْتَوْدَعُ إلَى الْوَارِثِ بِدُونِ أَمْرِ الْحَاكِمِ وَاسْتَهْلَكَهَا الْوَارِثُ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِرْثِ فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ الْوَدِيعَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ الْمَرْقُومُ أَمِينًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَدِيعَةَ وَيَفِيَ الدَّيْنَ.

(إذَا اسْتَهْلَكَهَا) لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا بِيَدِ الْوَارِثِ يَسْتَرِدُّهَا الْغُرَمَاءُ عَيْنًا كَمَا أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ تَرِكَةُ الِابْنِ الْمُتَوَفَّى مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ فَلَا يَبْرَأُ الْمَدِينُ إذَا أَعْطَى دَيْنَهُ لِلْوَارِثِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

(لِلْوَارِثِ) لَيْسَ لِأَجْلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ بَعْضِ الدَّائِنِينَ لِأَنَّهُ حِينَمَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُعْطِيَهَا لِبَعْضِ الدَّائِنِينَ أَيْضًا فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ حِصَّةَ الْآخَرِينَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِبَعْضِ الدَّائِنِينَ فِي التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ رُجْحَانٌ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ دَائِنٍ ذَا حِصَّةٍ مِنْ تَرِكَةِ الْمَدِينِ بِنِسْبَةٍ مَطْلُوبَةٍ.

إلَّا أَنَّ قَيْدَ (لِلْوَارِثِ) هُوَ لِأَجْلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُعْطِيَ الْوَدِيعَةَ إلَى الْوَصِيِّ.

فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَاهَا إلَى الْوَصِيِّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (١٧٧٤) .

كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَوَفَّى وَارِثٌ مَعْلُومٌ فِي الظَّاهِرِ وَقَبَضَ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ تَرِكَتَهُ يَجُوزُ لِلْمُسْتَوْدَعِ وَالْحَالَةَ هَذِهِ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَدِيعَةَ إلَى الِابْنِ الْمَرْقُومِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ فَإِنْ ظَهَرَ وَارِثُ الْمُودِعِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ الْمَرْقُومِ أَنْ يَطْلُبَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ بَلْ يَأْخُذُهَا مِنْ أَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ.

وَلَزِمَ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ فِي إعَادَةِ الْوَدِيعَةِ يَكُونُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي تَكُونُ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ، يَعْنِي إذَا كَانَ لِلتَّرِكَةِ مَالٌ آخَرُ يَكْفِي لِلدَّيْنِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْوَدِيعَةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِإِعْطَائِهَا لِلْوَارِثِ.

حُكْمُ مُسْتَوْدَعِ الْغَاصِبِ: إذَا أَعَادَ مُسْتَوْدَعُ الْغَاصِبِ الْوَدِيعَةَ عَيْنًا يَبْرَأُ. وَلَا يَبْقَى مَسْئُولًا تِجَاهَ صَاحِبِ الْمَالِ أَوْ وَارِثِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>