للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَرْكَبَهُ إلَى مَحِلٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهُ إلَى مَحِلٍّ غَيْرِهِ ".

إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً فِي الِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ وَمُقَيَّدَةً بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْقَيْدُ وَالشَّرْطُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ مُخَالَفَتُهُ أَيْ مُخَالَفَةُ الْقَيْدِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ أَوْ بِالشَّرْطِ الْمُفِيدِ وَإِنْ خَالَفَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمَّا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَأْذَنُ لَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ.

يَعْنِي ` إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُقَيَّدَةً بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ أَوْ بِالشَّرْطِ الْمُفِيدِ وَمُطْلَقَةً فِي الِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ كَيْفَ شَاءَ بِالْمُسْتَعَارِ عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ دَائِرَةِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ الْمُعَيَّنَيْنِ وَالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ الِانْتِفَاعَ بِالْمُسْتَعَارِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ فِي دَائِرَةِ ذَلِكَ الشَّرْطِ أَوْ أَنْ يُعِيرَهُ لِغَيْرِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِعَارَةَ الْمُقَيَّدَةَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ لَمَّا كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى إطْلَاقِهَا مِنْ حَيْثُ الِانْتِفَاعِ وَمِنْ حَيْثُ الْمُنْتَفِعِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَالُ الْعَارِيَّةِ وَالِانْتِفَاعُ بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ يَعْنِي إذَا شَاءَ انْتَفَعَ بِهَا بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ غَيْرَهُ يَنْتَفِعُ بِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَمْ لَمْ يَكُنْ.

وَلَيْسَ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ (التَّقْيِيدُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ) بِتَعْبِيرٍ احْتِرَازِيٍّ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ إذَا قَيَّدَ الِاسْتِعْمَالَ بِالشَّرْطِ الْمُفِيدِ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُعْتَبَرًا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُخَالِفَهُ وَقَدْ ذُكِرَ مِثَالُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨١٦) .

وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (لَيْسَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ) أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ عَمْدًا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ سَهْوًا أَيْضًا.

مِثَالٌ لِلْمُخَالَفَةِ عَمْدًا: إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ وَيَذْهَبَ بِهَا إلَى الْمَحِلِّ الْمُرَادِ فَإِنْ شَاءَ رَكِبَهَا بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا أَرْبَعَ سَاعَاتٍ.

وَإِذَا رَكِبَهَا أَرْبَعَ سَاعَاتٍ وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ كَانَ ضَامِنًا أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ مَا وَسَلَّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ سَالِمًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.

وَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُ الْحَيَوَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَانِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ " ٨٢٦ ".

وَإِذَا أَمْسَكَهُ وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ كَانَ ضَامِنًا.

كَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ " ٥٤٨ ".

يَعْنِي لَوْ اُسْتُؤْجِرَ حَيَوَانٌ عَلَى أَنْ يُسْتَعْمَلَ كَذَا مُدَّةً فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ زِيَادَةً عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ ثُمَّ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ وَالْإِعَارَةُ مُتَّحِدَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ إلَّا أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَذَلِكَ أَنَّ فِي الْإِعَارَةِ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ إمْسَاكُ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْمُعِيرُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٨٢٦) وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرُدَّهُ وَتَلِفَ وَجَبَ الضَّمَانُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ لِعَدَمِ مَجِيءِ صَاحِبِهِ وَعَدَمِ أَخْذِهِ إيَّاهُ وَتَلِفَ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَالسَّبَبُ هُوَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>